الرئيسية أخبار محلية
الخميس 31 - تموز - 2025

أدعو الجهات السياسية إلى مقاربة حصر السلاح بمسؤولية... عون: ندائي الى الذين واجهوا العدوان والى بيئتِهم الوطنية الكريمة أن يكونَ رهانُكم على الدولةِ اللبنانية وحدَها وإلاّ سقطت تضحياتُكم هدراً

أدعو الجهات السياسية إلى مقاربة حصر السلاح بمسؤولية... عون: ندائي الى الذين واجهوا العدوان والى بيئتِهم الوطنية الكريمة أن يكونَ رهانُكم على الدولةِ اللبنانية وحدَها وإلاّ سقطت تضحياتُكم هدراً

رئيس الجمهورية جوزاف عون من وزارة الدفاع:

أيها العسكريون ، يا رفاق السلاح، قبل نحو أربعين عاماً، أقسمتُ مثلكم قسماً صارَ لي حياةً  ...
وقبل نحو ثمانيةِ أشهر، أقسمتُ أمام اللبنانيين، قسماً لا رجوعَ عنه. رفاقَ السلاحِ والقضيةِ والشرف، بفضلِكم أنتم شرّفتُ قسمي الأوّل ...
وبفضلكم دوماً سأشرّفُ قسمي الثاني ...
وها أنا هنا، لأقولَ لكم، جنوداً وجرحى وشهداء، لكم كلُ الشكرِ والجَميل...
وفاءً لتضحياتِكم، ولطُهر دمائِكم، ولصلواتِ أمهاتِكم وقلقِ الآباء والأهل!  فلأنني أعرفُ معنى التضحية ...
وأعرفُ قدسيةَ الشهادة ...
أدركُ أيضاً أنّ شعباً يستحقُ الحياة، لا يتركُ شهداءَه،  يسقطون مرتين ...
مرةً في الدفاعِ عنه ...
ومرةً بالنسيانِ أو الإنكارِ أو المساومات ...
فكلُ شهيدٍ قاتلَ وقاومَ وسقطَ من أجلِ لبنان، أياً كان مسقطُ رأسِه أو قُبلةُ ربِه ...
هو ذِخرٌ لنا، في مسيرتِنا نحو تحقيقِ أهدافِ هذه الشهادة، ببناءِ وطنٍ مستقلٍ مستقٍر، مزدهرٍ وعصريّ ...
يحضُنُ كلَ شعبِه، وينفتحُ على العالم ...
والوفاءُ للشهداء ولتضحياتِهم وللقضية التي ارتقَوا من أجلها، يقتضي منا جميعاً، أنْ نوقفَ الموتَ على أرضنا...
وأن نوقفَ الدمار ...
وأن نوقفَ الانتحار، خصوصاً حين تصبحُ الحروب عبثيةً مجانيةً ومستدامة، لمصالحِ الآخرين. وذلك حفاظاً على كرامةِ شعبِنا وأرضِنا ودولتِنا ووطنِنا
أيها الجيش الأبيّ،
اليومَ عيدُك، فافتخِرْ!
إفتخرْ، لأنْ لا مؤسسة في الدولةِ اللبنانية، يُجمعُ عليها اللبنانيون، أكثرَ من الجيشِ اللبناني.
ولا مؤسسة قدّمت التضحياتِ، مثلَ مؤسسةِ الجيش.
ولا مؤسسة صمدت بوجهِ الفسادِ والضيقِ معاً، كصمودِ الجيش.
ولا مؤسسة حمت وحدةَ لبنان، وضمَنت أمنَه، مثلَ عناصرِ وضباطِ الجيش.
فقد انهارَ اقتصادٌ كامل، ولم تنهَرْ.
واستُبيحت الحدودُ والسيادة، ولم تستسلمْ.
وزرعَ الأعداء عملاءَهم بيننا، ولم يجدوا فيك خائناً.
فالجيشُ هو نسيجٌ مصغّرٌ عن الشعبِ اللبناني بأبهى حُللِه.
ولذلك فمن يحبُ جيشَه، يحبُ شعبَه ووطنَه!
وللجيشِ فضلٌ كبيرٌ عليّ ودَينٌ أكبر. فضلُه أنه ربّاني على حبِ الوطن، كلِ الوطن دون اجتزاء، وعلى حبِ الشعبِ دون شعبوية، وعلى حبِ الله دون طائفية.
ودَيني له كقائدٍ أعلى للقواتِ المسلّحة، وِفقَ ميثاقِنا ودستورِنا، أن أحافظَ على هيبتِه وكرامتِه وقوّتِه ودورِه، حفاظاً مني على سيادةِ لبنان، وحُرمةِ حدودِه، ووحدةِ شعبِه، وسلامةِ أراضيه، من حروبٍ لا نريدُها واعتداءاتٍ نرفضُها.
واجبي وواجبُ الأطرافِ السياسية كافة، عبر مجلسِ الوزراء والمجلسِ الاعلى للدفاع ومجلسِ النواب والقوى السياسية كافة، أنْ نقتنصَ الفرصةَ التاريخية، وندفعَ من دون تردّد، الى التأكيدِ على حصريةِ السلاحِ بيدِ الجيشِ والقوى الأمنية، دون سواها، وعلى كافةِ الاراضي اللبنانية، اليومَ قبل غد. كي نستعيدَ ثقةَ العالمِ بنا، وبقدرةِ الدولة على الحفاظِ على أمنِها بوجهِ الاعتداءاتِ الاسرائيلية، التي لا تتركُ فرصةً إلاّ وتنتهكُ فيها سيادتَنا. كما بوجهِ الارهابِ الذي يرتدي ثوبَ التطرّف، وهو من الأديان براء.
نعم، لقد انتهكت اسرائيلُ السيادةَ اللبنانية آلافَ المرات، وقتلت مئاتِ المواطنين، منذ اعلانِ وقفِ إطلاق النار في تشرين الثاني عام 2024، وحتى هذه الساعة. ومنعت الأهالي من العودةِ الى أراضيهم، ومن إعادةِ إعمارِ منازلِهم وقراهم. ورفضت إطلاقَ الأسرى والانسحابَ من الأراضي التي احتلّتها.
وقد وقفَ الجيشُ الى جانبِ الأهالي بكلِ شجاعة، رغمَ كلِ شيء. وخسرَ شهداءَ أعزاء. مثل المقدمِ الشهيد محمد فرحات، ابنِ بلدةِ دير قانون رأس العين، من الجنوبِ وليداً، والذي احتضنته كنائسُ زغرتا في الشمالِ شهيداً. بعدما تحدّى سابقاً المحتلَ وجهاً لوجه، أمام جميعِ العدسات، في وقفةٍ بطوليةٍ هي من بطولةِ هذا الشعبِ وتصميمِه على الصمود. قبل أن يعودَ سلاحُ الجو الاسرائيلي فيغدرَ به. ليرتقي رمزاً لتضحياتِ جيشِنا وشرفِه ووفائه. وتجسيداً لالتفافِ لبنانَ كلِه حولَ الجيش.
وقد أُوكلتْ للجيشِ مهماتُ تطبيقِ وقفِ النار. وذلك بالتنسيقِ مع اللجنة العسكرية الخماسيةِ الأطراف. وتمكّن على الرغم من تواضعِ الامكانياتِ وكثرةِ مهامِه الأخرى، من أن يبسطَ سلطتَه على منطقةِ جنوبِ الليطاني غيرِ المحتلة، وأن يجمعَ السلاح، ويدمّرَ ما لا يمكنُ استخدامُه منه. وذلك بشهادةِ اللجنة العسكرية الخماسية. وهو مصممٌ على استكمالِ مهامِه، من خلالِ تطويعِ أكثرَ من 4500 جندي، وتدريبِهم وتجهيزِهم، ليُكملوا انتشارَهم في هذه المنطقة، على الرغم من عدمِ التزامِ اسرائيلَ بتعهداتِها. وقد ساعدَه في تسهيلِ انتشارِه، أهلُ الجنوبِ أبناءُ الأرض، الذين كانوا دوماً قدوةً في وطنيتِهم وصمودِهم.
ندائي الى الذين واجهوا العدوان، والى بيئتِهم الوطنية الكريمة، أن يكونَ رهانُكم على الدولةِ اللبنانية وحدَها. وإلاّ سقطت تضحياتُكم هدراً، وسقطت معها الدولةُ أو ما تبقى منها.
وأنتم أشرفُ من أن تخاطروا بمشروعِ بناءِ الدولة، وأنبلُ من أن تقدّموا الذرائعَ لعدوانٍ يريد أن تستمرَّ الحرب علينا. فنستمرَّ نحن في مأساتِنا وتشرذمِنا وانتحارِنا. لكن هذه المرة، نكونُ قد تخلّينا عن الدعمِ الدولي والعربي بإرادتِنا. وخسرنا إجماعَنا الوطني.
وهذا ما لا تريدونه ولا نريدُه.
وللمرةِ الألف أؤكدُ لكم، بأن حرصي على حصريةِ السلاح، نابعٌ من حرصي على الدفاعِ عن سيادةِ لبنانَ وحدودِه، وعلى تحريرِ الأراضي اللبنانية المحتلة، وبناءِ دولةٍ تتسعُ لجميعِ أبنائِها. وأنتم ركنٌ أساسيٌ فيها. عزُّكم من عزِّها. وحقوقُكم من حقوقِها. وأمنُكم من أمنِها.
من هنا، أدعو جميعَ الجهاتِ السياسية، إلى مقاربةِ قضيةِ حصرِ السلاح بكلِ مسؤولية، كما عَهِدَكم لبنانُ دوماً عند الاستحقاقاتِ الوطنية الكبرى. فالاختلافُ يبقى ضمنَ أطرِ الاحترامِ والتنافسِ، تحت سقفِ الميثاقِ والدستور. لكن المرحلة مصيرية، ولا تحتملُ استفزازاً من أيِ جهةٍ كانت، أو مزايدةً تُضرُّ ولا تنفع. فتضحياتُنا جميعاً مقدّسة. والخطرُ، أكان أمنيّاً أو اقتصادياً، لن يطالَ فئةً دون أخرى.