بعد غياب ستّ سنوات، تعود فعاليّة "ليلة المتاحف" إلى لبنان، بدعوة من وزارة الثقافة، في موعد يُنتظر أن يكون احتفالًا بالثقافة والذاكرة، حيث تفتح المتاحف أبوابها مجانًا أمام زوّارها الليلة في 29 تموز، من الساعة السابعة مساءً وحتى الحادية عشرة ليلاً.
وزير الثقافة غسان سلامة كان أعلن قبل أيام في مؤتمر صحافي حضره مديرو المتاحف في بيروت وجونيه وجبيل وطرابلس، أنّ الوزارة بالتعاون مع عدد من المؤسسات، وعلى رأسها "مصلحة النقل المشترك"، ستؤمّن الانتقال بين المتاحف مجانًا أيضًا للزوّار. وأكّد سلامة أنّ "ليلة المتاحف" شكّلت تجربة ناجحة في الأعوام السابقة، لكنها غابت بفعل ظروف معروفة. أما "العودة فأتت نتيجة جهود حثيثة"، مشيرًا إلى أن المرشدين الثقافيين سيكونون في المتاحف للإجابة عن أسئلة الزوار وإرشادهم.
المتاحف المفتوحة
لائحة المتاحف المشاركة في بيروت هذا العام تشمل: المتحف الوطني، متحف سرسق، متحف الجامعة الأميركية (الأثري والجيولوجي)، متحف المعادن ومتحف ما قبل التاريخ في الجامعة اليسوعية، متحف المكتبة الشرقية، متحف مصرف لبنان، المعهد الفرنسي (معرض للفنان سيرج بلوخ)، فيلا عودة، وجناح نهاد السَّعيد.
في جونيه: متحف جامعة الروح القدس - الكسليك. في جبيل: متحف آرام بيزيكيان، متحف موقع جبيل، متحف الحفريّات، مؤسسة بيبي عابد، متحف MACAM ومؤسسة لويس قرداحي. وفي طرابلس: متحف قلعة سان جيل.
توسيع وتطوير وشراكات
الوزير سلامة استعرض خلال المؤتمر المشاريع المستقبليّة، وأعلن عن قرب افتتاح متحف أثري كبير في صُور خلال أقل من عام، كما عن استئناف العمل في متحف صيدا بعد توقّف طويل، وقد أنفقت الوزارة عليه حتى اليوم نحو 6 ملايين دولار. كذلك كشف عن مشروع متحف أثريّ جديد في جبيل، يسلّط الضوء على الاكتشافات المهمّة التي شهدتها المدينة مؤخرًا. ولفت إلى نيّة الوزارة إدخال متاحف جديدة إلى فعاليّة "ليلة المتاحف" العام المقبل، والسعي لتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص، كما السعي وراء الهبات الخارجية لتمويل هذا القطاع الحيوي.
في سياق متصل، أشار الوزير سلامة إلى الأضرار التي لحقت بموقع شمع الأثري، جنوبي لبنان، نتيجة الحرب الأخيرة، حيث تدمّرت قبة من القباب الأربع داخل المقام، وتضرّرت قلعة بالكامل بفعل تخريب مباشر. وأكد أنّ الوزارة عازمة على إعادة ترميم الموقع رغم صعوبات التمويل.
فعاليةوطنية
"ليلة المتاحف" انطلقت للمرّة الأولى في بيروت مساء 28 آذار 2014، بمبادرة من وزارة الثقافة وبالتزامن مع اختتام نشاطات "شهر الفرنكوفونيّة". سنتذاك فتحت 4 متاحف أبوابها مجانًا للجمهور. ومع السنوات، تحوّلت المبادرة إلى فعالية وطنية سنويّة توسّعت جغرافيًا ومضمونًا بين أعوام 2015 و2019.
ففي العام 2015، شارك أكثر من 10 متاحف في "ليلة المتاحف"، من بيروت وصيدا والكورة وأنطلياس، وسجّلت الفعالية أكثر من 5500 زائر، فيما أمّنت الوزارة يومها وسائل نقل مجانيّة بين المتاحف لتسهيل الجولة الثقافية.
عام 2016، دخلت متاحف جديدة إلى البرنامج، وامتدت الفعاليّة بين صيدا وجبيل، كما استُحدثت نشاطات فنّية ترافق الزيارات، كالعروض الموسيقية والبصرية، ما زاد من جاذبية الحدث.
الفعاليّة بلغت ذروتها عام 2017 بمشاركة 13 متحفًا منها الرسمي، والخاص، والجامعي، وامتدت الجولة الثقافية من بيروت إلى صيدا وجبيل والكورة، لتشمل معالم متنوعة من المتاحف الأثرية إلى متاحف الفن المعاصر والذاكرة الجماعية.
عام 2018، حافظت الفعالية على زخمها وشاركت فيها مجددًا متاحف من مختلف المناطق، مع استمرار النقل المجاني وتفاعل واسع من الزوار، خصوصًا في بيروت وصيدا وجبيل.
وفي 2019، أُقيمت آخر نسخة من "ليلة المتاحف" قبل الانقطاع، وشهدت حينها مشاركة نحو 13 متحفًا، أبرزها: متحف ميم، متحف العملات، متحف الصابون، وقصر دبّانة. وشكّلت المناسبة فرصة للزوار للتعرّف على غنى التراث اللبناني بأسلوب تفاعليّ مجانيّ.
"ليلة المتاحف" عُلّقت بعد العام 2019 بفعل الأزمة الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا، لتعود الليلة في 29 تموز 2025 حاملةً معها الأمل بأن تبقى الثقافة حيّة رغم كل التحدّيات.