التقى الرئيس جوزاف عون البطريرك يازجي على رأس وفد ضم:متروبوليت بيروت المطران الياس عودة، متروبوليت صور وصيدا المطران الياس كفوري، متروبوليت جبل لبنان المطران سلوان موسي، متروبوليت عكار المطران باسيليوس منصور، متروبوليت طرابلس المطران افرام كيرياكوس، متروبوليت زحلة وبعلبك المطران انطونيوس الصوري الأرشمندريت برثنيوس اللاطي.
في مستهل اللقاء، قال البطريرك يازجي: "اردنا هذا اللقاء المُحِب مع السادة مطارنة الكنيسة الانطاكية في لبنان للروم الأورثوذكس، للتوجه الى فخامتكم بأطيب التبريكات والدعاء، ليس فقط بإسمنا الشخصي إنما باسم كل الكنيسة الأورثوذكسية الأنطاكية في لبنان وسوريا وسائر المشرق وبلاد الانتشار. نحن جميعنا ندعو للرب أن يحميكم وانتم، من دونإحراجمحبتكم وتواضعكم، الأمل في لبنان والمنطقة. وقد عُرفَ عن شخصكم الكريم ثباته ورباطة جأشه وحزمه، كما محبته وحكمته، وبأنكم صاحب قرار، إضافة الى المزايا الإلهية التي أغدق الرب بها على فخامتكم. ولقد أظهرتم هذه المزايا في لبنان، ولا سيما في الفترة الأخيرة كقائد للجيش اللبناني، هذه المؤسسة التي نجلُّها جميعا ونؤكد على ثباتها ووجودها. فليكن الرب معكم ويحميكم."
أضاف: "أنتم الأعلم والأدرى، صاحب الفخامة، ان لبنان في السنوات التي خلت وفي الفترة الماضية بشكل خاص عانى وشعبه الكثير، بدءا من الأمور الاقتصادية والمالية، من سرقة أموال المودعين في المصارف الى حادثة إنفجار بيروت، وأخيرا الى العدوان الاسرائيلي الذي حصل والوضع الخاص في الجنوب، وأنتم إبن الجنوب. ونحن، في لاهوتنا المسيحي، نتكلم على الإنسان القديم، آدم، الذي سقط، والإنسان الجديد، يسوع القائم من بين الأموات. وفي عهدكم الميمون، إنشاءالله، نجد أنفسنا في لبنان القائم من الموت، وأنتم على رأس مسيرة إنقاذه من كل ما يرزح تحته من قضايا ندرك مدى صعوبتها ودقتها وحساسيتها، لكن الرب أغدق علينا وعلى لبنان بأن تتولوا سدَّة الرئاسة الأولى لكي نسير ولبنان في مسيرة الإنقاذ الحقيقية. وهذا شعورنا جميعاً. وهو الشعور بأن صفحة إنطوت، وفُتحت أخرى جديدة من نور: صفحة قيامة لبنان وإحقاق الحق والكرامة الإنسانية فيه، لكلّ لبناني، في كل ما ستتولون معالجته من قضايا بإدارتكم الكريمة والطيبة: من إنتظام المؤسسات الدستورية وكل ما يلي ذلك من أعمال جسيمة ملقاة على عاتقكم. وأنتم لها. والرب وفقنا بأن تكونوا على رأس الدولة. ونحن هنا نهنىء أنفسنا بوجودكم رئيسا للبنان."
أضاف: "أنتم تعلمون في هذه الظروف، الوضع الصعب وغير المستقر في المنطقة كلها، وفي سوريا بشكل خاص. وانا المح بشكل سريع الى الدور والوجود المسيحي في كل منطقة الشرق الأوسط. نحن في حياتنا، ما كنا ابدا مجرد أرقام ولا نؤمن بمبدأ الأقليات والأكثريات. هناك الدور الفاعل، الأساس، والبارز للمكوِّن المسيحي في لبنان وكل انحاء المنطقة. وهذا الملف بين يديكم. وهذا يتطلب جلسات وكلام في المستقبل ولكن اردت منذ البداية ان أؤكد على أهمية هذا الامر."
وقال: "الهجرة هي التحدي الأكبر في لبنان وسائر المنطقة، لكل أطياف البلد، مسلمين ومسيحيين. لكن بالنسبة إلينا كمسيحيين، نريد ان نكون الى جانب أبنائنا لكي يبقوا في هذه الديار حيث شاء الله ان نكون."
واضاف: "اردت ان اعبِّر بإسم الجميع، وبإسم كنيستنا الإنطاكية، عن محبتنا لشخصكم الكريم، وأيايدينا مع يديكم، وما نستطيع ان نقوم به نحن حاضرون. ونرجو ان يتكاتف كل أبناء البلد، من كل الأطياف على تنوعهم الديني والسياسي والقومي، فيما يشعرون أنهم في عرس، ويضعوا اياديهم في يديكم. ولكم التمنيات بكل التوفيق والنجاح، والى لبنان الأحلى والأجمل في عهدكم الكريم والطيِّب."
وختم البطريرك يازجي "ان إيماننا بلبنان عظيم، لبنان الجديد وبهذا الإنبعاث الذي تم وسيحصل بقيادتكم الحكيمة. وبكل ثقة وإيمان نقول: نعم، لبنان هو لبنان الرسالة وله الدور الكبير. وهو بلد الحرية والكرامة والإحترام."وتابع: "ان خطاب القسم هو عز وفخر وقد رسم خارطة الطريق. ونحن تحت راية لبنان، ونحن جميعنا نسعى بظل قيادتكم الكريمة الى ان يكون لبنان الأحلى."
وردَّ رئيس الجمهورية مرحبا بالوفد، وشاكرا للجميع تهنئتهم القلبية. وشدد على أهمية الكلام الذي أورده البطريرك اليازجي باسم الوفد، وقال: "كما ذكرتم، إن أولادنا يهاجرون، ونحن نريد ان نعمل لعودتهم، وأن يبقوا مرتبطين ومتمسكين بأرضهم. وهذه مسؤولية كبرى ملقاة على عاتقنا. ولكن ما من امر مستحيل، وفي قاموسنا ليس هناك من فشل. ودورنا ان نبني الثقة بين مكونات الشعب، كما بين الشعب والدولة، ومع العالم العربي والعالم الغربي. المناصب الرئيسية في الدولة هي مناصب خدمة للشعب. ونحن في خدمته. وخطاب القسم لم يوضع ليكون حبرا على ورق او لكييصفق له الناس. هذا الخطاب هو خارطة طريق لأنه تحدث عن وجع الناس وآلامهم، وعلينا ان نواجه المشاكل، ونجعل الشعب الذي تعب من حالة الحرب والإنقسامات والازمة الإقتصادية والوباء والإنفجارات...، ان يعيش بسلام وأمان وكرامة. هذه مسؤوليتنا وإياكم. وليست مسؤوليتي وحدي."
أضاف الرئيس عون: "جميعنا لدينا الإمكانات والقدرات، وما من أمر مستحيل، المهم ان تكون النية صافية تجاه البلد. وكما قلتم، صاحب الغبطة، نحن لسنا أرقاما. وفي لبنان ليس هناك من أرقام. كلنا شعب لبناني، وكلنا نحمل الهوية الواحدة. وجميعنا نتفيأ العلم اللبناني ولا فرق بين مسلم ومسيحي ولا فرق بين طائفة وأخرى او بين مذهب وآخر. الإختلاف مقدس ولكن الخلاف غير مسموح به. لدينا فرص كبرى وأمامنا تحديات كبرى، فإمَّا ان نعمل جميعا تحت سقف الدولة لمواجهة التحديات وإقتناص الفرص، او بصراحة لا يكون الوضع مطمئنا ابدا.
وتابع: "صحيح أن الصعوبات كثيرة، وما من أمر يأتي بسهولة، ولكن إذا ما تضافرت الجهود وكان الهدف هو مصلحة لبنان وبناء الدولة فما من عوائق. لن نعود الى الوراء ولن ننسى ما حصل لكي لا نعيد أخطاء الماضي. كفى الشعب اللبناني حروبا ومجاعات وتظاهرات... على الشعب اللبناني ان يعيش ويتطلع الى الأمام. لدينا كفاءات وقدرات وموارد بشرية رهيبة في كافة دول العالم، علينا ان نستغلها ونستفيد منها. وبالنسبة للموجودين في لبنان، علينا أن نعطيهم فرصة لنستفيد منهم على ان نعطيهم بلدا فيه قضاء وأمن وإقتصاد وثقة لكي يستثمروا بفكرهم في لبنان. نحن وإياكم معا لمصلحة هذا البلد وليس لمصلحة الأشخاص. فلبنان اكبر من الأشخاص، وجميعنا مجندون لخدمة الشعب اللبناني، وليس العكس."
وبعد اللقاء، صرح البطريرك يازجي فقال:"التقينا والسادة الاخوة مطارنة الكنيسة الانطاكية للروم الأرثوذكس في لبنان مع فخامة الرئيس للتعبير عن تبريكاتنا للبنان ولفخامته بانتخابه رئيسا للجمهورية. وبالطبع اكدنا لفخامته اننا الى جانبه مع جميع اللبنانيين وان لبنان قد طوى صفحة وانفتحت امامه صفحة جديدة لا بل استطيع ان أقول ان نورا انبلج للبنان الجديد وبيروت الزاهية دوما، والتي تشكل رسالة ليس فقط في المحيط العربي وانما في العالم اجمع".
أضاف:"نقدر انطلاق مسيرة حل الازمات والتراكمات عبر السنوات التي خلت بدءا من الأوضاع الاقتصادية، الى الأوضاع المالية والمعيشية وسرقة أموال المودعين في المصارف وانفجار مرفأ بيروت، والوضع في الجنوب وخاصة بعد الاعتداء الإسرائيلي الاخير وغيرها من القضايا . فامام فخامة الرئيس مسيرة انقاذ كبيرة وشاقة ولكنه نال ثقة جميع اللبنانيين وكلنا امل بلبنان الجديد في عهده".