جاء في "الجمهورية":
صحيحٌ أنّ وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه عاد الى المنطقة من خلال بوابة بيروت، للسعي إلى معالجة الخطر الموجود، وعلى أساس حفظ دور فرنسا في مرحلة التحولات الكبرى في الشرق الأوسط، إلّا أنّ الأطراف اللبنانية وتحديداً «حزب الله»، يدرك بأنّ المفتاح موجود لدى الأميركيين، وأنّ «الصفقة» تتمّ معهم وليس مع الفرنسيين، حتى ولو استبق سيجورنيه زيارته الى لبنان بتنسيق مع الإدارة الأميركية.
والزيارة السريعة التي قام بها مستشار الرئيس الأميركي آموس هوكستين إلى اسرائيل من دون أن يعرج على لبنان، تعني بأنّ الوقت لم يحن بعد للذهاب إلى وقف لإطلاق النار، وهو الشرط الذي ألزم «حزب الله» نفسه به للدخول في الترتيبات اللبنانية.
لكن هنالك من توقّع أن يتواصل هوكستين مع الرئيس نبيه بري بعيداً من الإعلام، لوضعه في آخر المستجدات.
وتجزم أوساط ديبلوماسية أميركية في واشنطن، بأنّ الملف اللبناني تحت المتابعة الحثيثة من جانب واشنطن، لدرجة أنّ البيت الأبيض أبلغ وزارة الخارجية أنّه سيتابع تطورات هذا الملف مباشرة، أي أنّه أصبح تحت عهدة فريق البيت الأبيض مباشرة. وهنا تكمن أهمية الدور الذي يتولاه هوكستين وغياب مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط باربرة ليف عن الصورة.
ولا تزال واشنطن تتمسك بضرورة وقف إطلاق النار. ووفق ترسيم المشهد، فإنّ إسرائيل تتمسك بضرورة تكريس إبعاد سلاح «حزب الله» عن الحدود بشكل يضمن عدم تكرار عملية «طوفان الأقصى» مرّة جديدة من لبنان.
أما «حزب الله» فيشترط وقفاً لإطلاق النار في غزة، على أن يلي ذلك تحديد وتثبيت الحدود ومنع الخروقات الإسرائيلية، وأيضاً تلميحات مستجدة حول ملف استخراج الغاز من البحر.
الأوساط الأميركية، والتي لا تخفي تحقيق توافق أولي حول الكثير من نقاط التفاوض، فهي تردّد دائماً بأنّه من الخطأ الاعتقاد بأنّ إسرائيل تناور، لا بل فهي جدّية في تهديدها بالحرب، وهو ما ظهر بوضوح بعد السابع من تشرين، حين اندفع وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالنت لشن حرب على لبنان، إلّا أنّ واشنطن ردعته. وتصرّ إسرائيل الآن بأنّها لن توقف عملياتها العسكرية الّا بعد حصولها على ضمانات بمنطقة لا وجود فيها لسلاح سوى سلاح الدولة اللبنانية.
وتقول الأوساط الأميركية، إنّ واشنطن تريد أن تتحقق التسوية في لبنان من دون الإنزلاق الى الحرب، وأنّه لهذا السبب بالذات يصرّ البيت الأبيض على إمساكه بالملف اللبناني.
أما ملف الاستحقاق الرئاسي وإعادة إطلاق عجلة الدولة اللبنانية، فإنّ واشنطن ستتعاون مع باريس حوله، وهو ما أتُفق عليه عند زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الى واشنطن، وجرى يومها تحديد المعايير التي سيُعاد بناء السلطة اللبنانية على أساسها.
وفي كل الأحوال، جرى تسريب العديد من هذه المعايير عبر الإعلام وأيضاً عبر اللجنة الخماسية.