كتب مروان أبو لطيف:
للمبعوث الاميركي آموس هوكستين (او اذا اردت لفظها عاموس هوكشتاين، فلا فرق) دور صاعد في السياسة الخارجية الاميركية، حيث ارتقى خلال سنوات ليصبح كبير مستشاري البيت الابيض ، ربما تقديراً لدوره في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل بعد جولات مكوكية بين البلدين على مدى سنوات الامر الذي ادى الى اتفاق وقعه لبنان قبل ساعات من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية آنذاك ميشال عون (حيث لا حق لغير رئيس الجمهورية بتوقيع اتفاقيات دولية) اي قبل فوات الأوان…، والذي بموجبه، اي الاتفاق تمكنت اسرائيل من المباشرة ببيع الغاز المرصود منذ عقود والمحفور قبل سنوات والجاهز للاستخراج فوراً، بينما سيظل لبنان ولسنوات طويلة يتسلى باستدراج عروض متعددة لبيع جلد الدب قبل صيده الصعب كي لا نقول المستحيل .
بالعودة الى هوكستين استعملنا تعبير جولات مكوكية لتسليط الضوء على اوجه الشبه بينه وبين كيسنجر وزير خارجية اميركا ايام ادارة ريتشارد نيكسون وبعده جيرالد فورد والذي توفي منذ أشهر عن مئة عام ترك خلالها بصمات سوداء في مصير الشرق الاوسط على وجه الخصوص ابتداءً بمرحلة ما بعد حرب تشرين 1973 والتمهيد لاتفاقية كمب ديفيد ، مروراً بعزل سوريا عن مصر ، وتفجير الحرب الاهلية في لبنان (على ذمة كثير من المحللين) ، وصولاً الى محاولة إخماد الدور الفلسطيني (عبر شيطنة منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك ) ، وإغراق الفلسطينيين في صراعات داخلية وعربية (الاردن (ايلول الاسود )، لبنان (الصراع مع الجيش اللبناني 1969- 1973)، وصولاً الى الطامة الكبرى اي الانغماس في الوحول اللبنانية اثناء الحرب الاهلية ، والتي ادت الى ما ادت اليه مع الغزو الاسرائيلي عام 1982 وما تلاه من متغيرات كبرى على خريطة الشرق الاوسط ككل).
ويمكن الاستناد الى ما ذكره الصحفي والكاتب البريطاني باتريك سيل في كتاباته الكثيرة عن دور كيسنجر وكذلك الى الكثيرين من المحللين الموضوعيين والكتاب في تلك الحقبة .
اليوم نرى أوجه الشبه كثيرة بين آموس هوكستين وهنري كيسنجر في الهوية والجذور والدور والتوجهات الاستراتيجية. وإذا كان كيسنجر قد خدع السادات والاسد وكل العرب وباعهم الاوهام ، فإن لائحة المخدوعين من هوكستين ستطول وتطول ، ابتداءً من ترسيم الحدود البحرية ، مروراً باستخراج الغاز من الحقول المتداخلة ، وصولاً الى الادوار القادمة بعد ان تضع الحرب اوزارها الثقيلة ، وهي ادوار لا تبشر بالخير، والجيل القادم سيكون شاهداً ولكن بعد فوات الاوان .
هوكستين هو كيسنجر الصغير، والتاريخ يعيد نفسه !