القى الامين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله كلمة في الاحتفال الذي أقامه الحزب في بيروت والمناطق بمناسبة" يوم الجريح المقاو"م تكريما للجرحى والأسرى المقاومين، ووزعت العلاقات الاعامية ف يالحزب نص الكلمة وجاء فيها: "أرحب بالأخوة والأخوات جميعا في أماكن هذا اللقاء، في البقاع، في الجنوب، هنا في الضاحية الجنوبية، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن عليكم إن شاء الله بالعافية والسعادة والنصر والعزة والكرامة وخير الدنيا والآخرة.
مناسبة لقائنا اليوم هي في الحقيقة مناسبتان، جمعناهما في يوم واحد، المناسبة الأولى هو ما نحييه في كل عام بعنوان يوم الجريح، يوم جرحى المقاومة، هذه الشريحة الغالية من المضحين. سابقا، يعني منذ البدايات، تم اختيار مناسبة تاريخية جميلة لتكون يوما للجريح، هذه المناسبة كانت يوم ذكرى ولادة أبي الفضل العباس ابن علي أمير المؤمنين عليه السلام حامل لواء أخيه وإمامه الحسين عليه السلام في كربلاء، القائد العسكري الكبير والأول والمقاتل في الصفوف الأمامية، والجريح الذي لم توقفه جراحه عن مواصلة الطريق حتى آخر نفس وآخر قطرة دم. أبو الفضل العباس عليه السلام ولد في 4 شعبان عام 26 للهجرة، ولأنه المقاوم المقاتل المجاهد الجريح وختم له بالشهادة التي يتمناها كل مقاوم وكل جريح، اخترنا هذا اليوم يوما للجريح، لتكريم جرحانا وعائلاتهم الشريفة.
المناسبة الثانية لها علاقة بالأسرى، أسرى المقاومة الذين دخلوا إلى السجون، إلى الزنازين، وعانوا من أيام طويلة في السجون سواء في معتقلات الصهاينة في لبنان أو في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبعض هؤلاء الأسرى قضوا لسنوات 15 سنة، 20 سنة، 30 سنة، اليوم الحمد لله بالنسبة إلينا في لبنان أسرانا محررون، ولذلك يوم الأسير هو للأسير الفعلي وللأسير المحرر، يعني للأسير الذي ما زال أسيرا والأسرى المحررين. طبعا نحن لدينا عدد من الملفات ما زالت عالقة مع العدو الإسرائيلي على سبيل المثال الأسير يحيى يكاف وأخوة في لبنان وأيضا أخوة في سوريا، نحن نصنفهم تحت عنوان مفقودي الأثر، هذا الملف طبعا نتابعه وهم مشمولون بمناسبتنا اليوم.
في السابق أيضا تم اختيار مناسبة جميلة وكريمة لتكون يوما للأسير هي مناسبة ولادة الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام، الذي ولد في 5 شعبان عام 32 للهجرة، وهو الأسير الذي حمل كل تلك الآلام والمعاناة وعايش كل تلك الظروف القاسية والصعبة قبل كربلاء وفي أيام كربلاء وبعد عاشوراء وصولا إلى المدينة وإلى آخر يوم من حياته، وحمل قضية تلك الدماء الزكية الطاهرة وأحياها وأبقاها وجندها ووظفها في خدمة القضية التي استشهد من أجلها أبوه الحسين عليه السلام. ولذلك هذا يوم الأسير، يوم أسيرنا، وأسرانا اليوم الحمد لله كلهم تحرروا ببركة المقاومة وجهاد المقاومة وتضحيات المقاومين.
هذه الأيام أيضا، يعني يوم الجريح ويوم الأسير عندنا يدور هجريا وليس ميلاديا، ولذلك السنة جاء في شهر شباط. هذه الأيام الشعبانية يزينها يوم ولادة سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السلام في 3 شعبان، وهو الذي ولد على ما هو موجود في الروايات في سنة 4 للهجرة، هناك اختلاف في السنة ولكن المتداول في 3 شعبان سنة 4 هجرية. طبعا الإخوة في إيران وفي حياة الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه اتخذوا من يوم ولادة أبي عبدالله الحسين عليه السلام يوما للحرس، يوما لحرس الثورة الإسلامية في ايران، نحن يجب أن نبارك لإخواننا في الحرس يومهم وعيدهم، والذين هم بحق حرس الثورة الإسلامية، الذين هم بحق ومنذ البداية كانوا السند الحقيقي والداعم القوي لكل حركات المقاومة في لبنان، في فلسطين، في المنطقة، وما يعيشه محور المقاومة اليوم من مواقع قوة واقتدار وقدرة عالية على الحضور والتأثير في العديد من الجبهات والساحات فإنما هو ببركة، بعد الله سبحانه وتعالى وفضله وعونه وكرمه، ببركة هذه الثورة الإسلامية التي انتصرت في مثل هذه الأيام قبل 45 عاما بقيادة الإمام الخميني قدس سره الشريف، وأعلنت موقفها واضحا صريحا قويا مدويا من الكيان الصهيوني، من المشروع الصهيوني، من مشروع الهيمنة الأمريكية في المنطقة، وأعلنت التزامها اتجاه شعوب المنطقة المظلومة والمضطهدة وخصوصا فلسطين ولبنان والدول العربية التي كانت تعاني وما زالت من احتلال لجزء من أراضيها، ومن قلب هذه الثورة الإسلامية كان الحرس هو المؤسسة الجهادية الإيمانية، الجهادية الثورية، التي تحملت المسؤولية الكبرى في دعم ومساندة هذه الشعوب وحركات المقاومة هذه.
في هذه المناسبة أولا أتوجه لإخواني وأخواتي الجرحى والجريحات في يوم عيدهم، في يومهم، لأبارك لهم هذا اليوم، لعائلاتهم الشريفة التي تتحمل معهم كل الأعباء. وأيضا أتوجه إلى الأخوة والأخوات الأسرى والأسيرات المحررين والمحررات أيضا لأبارك لهم في هذا اليوم، ولعائلاتهم الشريفة التي تحملت معهم خصوصا العائلات التي كانت متزوجة وأزواجهم وأزواجهن في الأسر وعشنا معاناة طويلة وصعبة. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منكم جراحكم وآلامكم ومعاناتكم وجهادكم وتضحياتكم.
اليوم أيضا منذ 129 يوم بالحد الأدنى في لبنان ينضم إلى قافلة الجرحى والجريحات جرحى جدد من الرجال والنساء بفعل جبهة الدعم والمساندة المفتوحة منذ 8 تشرين الأول إلى اليوم، هؤلاء الجرحى أيضا هم مسؤولية جديدة، وأنا أتوجه إلى عائلاتهم، إلى إمهاتهم، إلى زوجاتهم أن أمامكم مسؤولية كما هي حال عائلات الجرحى، أمامكم مسؤوليات كبيرة وعظيمة، واليوم أضيفت إليكم هذه المسؤولية، إن عنايتكم واهتمامكم بهؤلاء الجرحى خصوصا من أصيبوا بالجراح القاسية هي من أعظم ما يتقرب به الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى ومن أعظم ما يدخره الإنسان ليوم القيامة.
أيها الإخوة والأخوات، الجراح والأسر والمعاناة في نهاية المطاف صنعت إنجازات، صنعت نتائج، لها نتائج أخروية ولها نتائج دنيوية. النتيجة الأخروية لهذه الجراح، لمعاناة الأسر والسجون، لهذه الدماء عندما نتحدث في دائرة الشهادة والشهداء، لكل هذا الصبر وهذا التحمل، نتيجته في الآخرة مغفرة وأجر وثواب ودرجات وجنات ورضوان ومقعد صدق عند مليك مقتدر، وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، هذه نتيجة أخروية، عندما نأتي يوم القيامة "ووجدوا ما عملوا حاضرا"، هذه الجراح، هذه الآلام، هذه المعاناة، هذا الصبر، هذا الاحتساب، هذا التوكل، هذا التسليم، هذا الرضا، ستجدونه أمامكم حاضرا يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون. وفي الدنيا أيضا هذه الإنجازات صنعت، هذه الدماء، هذه الجراح، هذه المعاناة، صنعت لشعبنا، لوطننا، ولأمتنا الكثير من والإنجازات والانتصارات الحقيقية، البينة، الواضحة، الجلية.
"وأخرى تحبونها" ، الإيمان والجهاد له نتيجتان، نتيجة أخروية يغفر لكم ذنوب ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار، ونتيجة دنيوية "وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين".
مسؤوليتنا أن نحافظ على هذه الإنجازات، وكما يقال أن الحفاظ على الإنجاز أو على النصر هو أصعب من صنع الإنجاز ومن صنع النصر. أولا مسؤوليتكم ومسؤوليتنا أن نحافظ على هذا الإنجاز الأخروي، على هذه الذخيرة الأخروية، على هذا الشرف والكرامة الأخروية التي أعددناها ليوم القيامة، ألا نضيعها، الحفاظ عليها بالتقرب إلى الله، بطاعة الله عز وجل، باجتناب معاصيه، باجتناب كل ما يقضي على حسناتنا وجهادنا وتضحياتنا من عجب، من كبرياء، من إقبال على الدنيا الحرام وما شاكل. التعلق بالله والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى يحفظ هذا الإنجاز الأخروي. وفي الدنيا أيضا مسؤوليتنا أن نحافظ على هذا الإنجاز، على هذه الانتصارات، من خلال الحضور الدائم، من خلال الدعم المستمر، من خلال الجهاد المتواصل، من خلال التأييد القوي للمقاومة، لرجال المقاومة، لمسيرة المقاومة، حفظ المقاومة كما كان يقول سيدنا السيد عباس الموسوي هي الوصية الأساس، هي المسؤولية الكبرى اليوم الملقاة على عاتق الجميع. الجرحى والأسرى ومفقودوا الأثر وعوائلهم والشهداء وعوائل الشهداء هم أولى الناس بالحفاظ على هذا الإنجاز لأنهم هم شركاء بالدم، بالصبر، بالمعاناة، بالتضحيات، بالشهادة، بالجراح، ولذلك المقاومة هي جزء من وجودهم، من أرواحهم، من حياتهم، من كرامتهم، من بقائهم، وهذه مسؤولية كبيرة جدا.
اليوم الذي يشغل منطقتنا أيها الأخوة والأخوات، يشغل منطقتنا ويشغل العالم كله، هو ما يجري في فلسطين وخصوصا في قطاع غزة وما تبع ذلك من فتح لجبهات الدعم والمساندة والتأييد.
130 يوما من العدوان والتوحش والمجازر الصهيونية بحق الرجال والنساء والأطفال والصغار والكبار والبشر والحجر في غزة وأيضا في الضفة. و130 يوما من الصمود الأسطوري للمقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة. 130 يوما من البطولات التي تصل إلى حد الإعجاز، ومن الصبر الذي لا مثيل له في العالم ولا في التاريخ للنساء وللأطفال وللكبار وللصغار من أهل غزة الذين يعيشون وما زالوا في هذه الأيام في أقصى الظروف الحياتية والأمنية والمناخية. و130 يوما من العجز الإسرائيلي والفشل الإسرائيلي في تحقيق الأهداف والذي لا يظهر من هذا الكيان سوى صورة الانتقام، الانتقام الوحشي من المدنيين ومن الأبرياء.
و129 يوما - لأنه نحن بدأنا في اليوم الثاني في 8 تشرين الأول - من الدعم والإسناد والتضامن بدأت به جبهة لبنان وصولا إلى اليمن والعراق وسوريا وإيران والعديد من شعوب العالم، هذه الجبهات وهذه الساحات التي ما زالت مستمرة ومتواصلة مع تواصل العدوان وفي مواجهته المقاومة في غزة.
يصادف الآن ذكرى شعبانية ولدينا بعد أيام ذكرى 16 شباط، ذكرى الشهداء القادة، ولدينا خطابين قريبين، وأنا سأكون في خدمتكم إن شاء الله، ولذلك الموضوعات التي سأتحدث بها قسمتها بين اليوم وبين الجمعة إن شاء الله، إذا بقينا على قيد الحياة. الآن، هناك بعض الناس يفسرونها أمنيا وسياسيا إذا بقينا على قيد الحياة، ولكن هذه ثقافتنا، يجب أن يشعر الإنسان دائما أنه في أي لحظة من اللحظات يمكن أن يغادر هذه الحياة.
إذا بقينا على قيد الحياة إن شاء الله يوم الجمعة في ذكرى شهدائنا القادة، الشهيد السيد عباس، الشهيد الشيخ راغب، الشهيد الحاج عماد، نكمل الموضوعات الأخرى، لذلك سوف أقسمها بينهما. سأركز في خطاب اليوم أكثر على شؤونات الجبهة اللبنانية، وإن كانت ذات صلة بالجبهات الأخرى. في خطاب يوم الجمعة سنذهب إلى الدائرة الأوسع، إنطلاقا من غزة والتطورات في فلسطين وفي منطقتنا وختاما في لبنان.
طبعا في البداية، أنا عادة بين الخطابين، الخطاب الأخير إلى اليوم، قضى شهداء من إخواننا في حزب الله، وقضى أيضا شهداء من إخواننا الأعزاء في حركة أمل، في الحزب القومي، في سرايا القدس قبل يومين، وشهداء مدنيون استشهدوا أيضا، شهداء من قوى الأمن الداخلي كذلك استشهدوا، نحن نتوجه إلى عوائل الشهداء، نتوجه إلى كل عوائل الشهداء الأعزاء الذين قضوا في هذه الأيام أيضا نبارك لهم شهادة أعزائهم لحصولهم على هذا الوسام، ونعزيهم بفقد هؤلاء الشهداء الأعزاء، وهكذا الحال شهداء فلسطين، شهداء اليمن، شهداء العراق، شهداء سوريا وإيران وكل جبهات المقاومة، الجرحى أيضا نسأل الله تعالى أن يمن عليهم بالشفاء العاجل والعافية.
النقطة الأولى: ما نقوم به في لبنان على مستوى جبهتنا من129 يوما إلى اليوم ونواصل، وكذلك ما يقوم به الأخوة في الجبهات الأخرى المساندة هو بالدرجة الأولى إستجابة صادقة للمسؤولية الإنسانية والأخلاقية والإيمانية والدينية الملقاة على عاتق كل واحد منا، هو استجابة لهذه المسؤولية.
ما جرى ويجري على الناس في قطاع غزة، مليونان ومئتا ألف في حصار شديد، في ضنك من العيش، في ظروف قاسية، في رعب في الليل والنهار، في غارات تستهدف المنازل، والمساجد، والكنائس، والمستشفيات، والمخيمات، حتى خيم القماش والنايلون. ما يجري عليهم في كل يوم وفي كل ساعة يجب أن يهز ضمير كل إنسان في هذا العالم، يجب أن يزلزل وجدان كل الناس في هذا العالم، ويجب أن يستشعروا المسؤولية ماذا يجب عليهم أن يفعلوا اتجاه هذا العدوان وهذه الكارثة الإنسانية، إنسانيا وأخلاقيا ماذا يجب أن يقولوا وماذا يجب أن يفعلوا وأن يعملوا، لكن الأهم أيها الأخوة والأخوات هي المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، في الدنيا يمكن أحد أن يحاسب ولا يحاسب، يسأل ولا يسأل، في النهاية الأحداث تنتهي والناس تنسى والدنيا فانية، ولكن الأهم والأخطر هو المسؤولية يوم القيامة، عندما نقف بين يدي الله سبحانه وتعالى، ويسأل لكل واحد منا عن هذه الحادثة المرة والمؤلمة وسنسأل بحسب القواعد الإيمانية والعقائدية.
كل من سمع في العالم، هذا لا يخص الفلسطيني واللبناني كي تعملوا لنا حدودا جغرافية عن المسؤولية، والأردني والمصري والسوري والإيراني والعراقي واليمني، هذا يشمل كل بشري، كل إنسان على الكرة الأرضية علم، سمع، شهد، عرف بما يجري على أهل غزة منذ 130 يوما ترتب عليه مسؤولية شرعية ويوم القيامة سيسأل، والله سبحانه وتعالى سيسأل هذا الإنسان، سيسأل أفرادا، وسيسأل جماعات، وسيسأل الأمم، وسيسأل شعوب، سيسال أفرادا وجماعات عما قمنا به، ماذا فعلتم. طبعا الله سبحانه وتعالى لم يطالب الإنسان بما هو أكبر من قدرته واستطاعته، مثال هناك أحد يقول: يا رب أنا لم يكن باستطاعتي أن أفعل شيئا ولكن تألمت، وحزنت لحزنهم، وعندما فرج الله عنهم فرحت لفرحهم، بهذا القدر كنت قادرا، وأحد يقول وليس مثل بعض الناس التي لا تكمل مواسم الرقص والغناء والترفيه والترف، ولا كأنه جزء من المسؤولية الأخلاقية وحتى الدينية والشرعية، ماذا يعني أن المؤمنين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له بقية الأعضاء بالحمى، بقية الأعضاء في الحد الأدنى تتألم، تحزن، تتأثر، ولا تعيش كأنه لا يوجد هناك شيء، لأن هذا أضعف الإيمان. هناك آخر يقول يا رب أنا كنت قادرا أن أدعو لهم مع الألم تألمت ودعوت لهم في الليل وفي النهار، وهناك واحد يقول أنه يمكنني أن أحكي جملة، أن أنزل كلمة على مواقع التواصل، أنزل في مظاهرة، أعمل إعتصاما، أكتب مقالا، أصرخ، أرفع صوتي، وواحد يقول كنت قادرا أن أقدم لهم مالا وآخر كان يقول كنت قادرا أن أقاتل إلى جانبهم.
كل واحد على قدر استطاعته سيسأل يوم القيامة، ولن ينجو أحد من هذا السؤال يوم القيامة، لا زعماء ولا علماء ولا فقهاء ولا شعراء ولا أدباء ولا أغنياء ولا فقراء، كل من بلغ سن التكليف سيسأل يوم القيامة، ونحن في الحقيقة في جبهتنا اللبنانية كما هو حال الاخوة في الجبهات الأخرى، نحن في الدرجة الأولى هنا منسجمون مع إنسانيتنا، مع قيمنا الأخلاقية، ومع مسؤوليتنا الشرعية والدينية التي سنسأل عنها يوم القيامة، ويجب أن نعد للقيامة جوابا وفي هذا لا تأخذنا لومة لائم، وفي هذا لا تأخذنا لومة لائم، ولا يجوز أن تأخذنا لومة لائم، في كل ما نستطيع أن نفعل لا يجوز للحظة أن نتوقف ونقول سينتقد فلان ويحتج فلان ويزعل فلان، هذا ليس من شأننا، من شأننا في الدرجة الأولى أن نأتي يوم القيامة وأيدينا مليئة وليدنا جوابا نفتخر به ونعتز به، وهذا الجواب اليوم هو شهداؤنا، دماؤنا، جرحانا، بيوتنا التي تدمر في الجنوب، العائلات النازحة، الآلام والمعاناة، مواجهة الأخطار، التحديات، مواجهة كل الإحتمالات، عوائل الشهداء، الإنجازات، البطولات، حضور المقاتلين في الجبهات في أصعب الظروف الذين يحملون دماءهم على الأكف، هذا هو جوابنا يوم القيامة.
النقطة الثانية، أيضا بالتأكيد ما نقوم به في جبهتنا اللبنانية هو مسؤولية وطنية على المستوى الوطني وعلى المستوى اللبناني، أيها الأخوة والأخوات ولكل السامعين، هناك أساس لا يجب أن يغيب عن بالنا ولا لحظة، أصل قيام إسرائيل وجود هذا الكيان في فلسطين المحتلة كان سببا لكل هذه المصائب والآلام والحروب والكوارث منذ ما قبل 1948 حتى اليوم، وليس فقط للشعب الفلسطيني بل كل شعوب المنطقة، وأيضا للشعب اللبناني، أعود وأقول هناك أناس لم يقرأوا التاريخ ولا يعرفون تاريخ لبنان، إلا إذا اعتبروا الجنوب ليس من لبنان، ومع ذلك كل تاريخ لبنان منذ 48 الإعتداءات الإسرائيلية، الوحشية الإسرائيلية، المجازر الإسرائيلية، الأطماع الإسرائيلية، التهديدات الإسرائيلية قائمة.
أصل وجود إسرائيل في المنطقة هو مصيبة لكل شعوب ودول المنطقة، ولكن ما دامت موجودة إلى اليوم الذي ستزول فيه إن شاء الله، إسرائيل القوية خطر على المنطقة، أما إسرائيل الضعيفة، إسرائيل المردوعة، إسرائيل الخائفة هي التي تشكل حالة أقل خطرا وضررا وكارثية على دول وشعوب المنطقة.
عندما نأتي إلى لبنان إسرائيل القوية التي كادت تنظر أنها تستطيع أن تحتل لبنان بفرقة موسيقية هي خطر على لبنان، إسرائيل المردوعة كما حصل بعد 2000 وال 2006 حتى اليوم، إسرائيل المردوعة هي التي يمكن أن يحد من خطرها على لبنان، هذه قاعدة، وعلى دول المنطقة وعلى شعوب المنطقة، إذا نحن كشعب لبناني أيضا وكدولة في لبنان، وكمواطن لبناني مصلحتنا عندما يكون في جوارنا عدو مغتصب محتل معتدي أن لا يكون قويا، وأن لا يكون مقتدرا، بل أن يكون مأزوما، ومهزوما، ومستنزفا، وضعيفا، ومردوعا، هذه يجب أن تكون القاعدة، وإذا أحد يناقش في هذه القاعدة، طبعا، يكون هناك مشكلة بالمفاهيم والأساسيات والبديهيات.
أمام ما يجري في غزة، وأنا ذكرت هذا في الخطاب الأول، المصلحة الوطنية اللبنانية، المصلحة الوطنية السورية، المصلحة الوطنية الأردنية، ، المصلحة الوطنية المصرية قبل المصلحة الوطنية الفلسطينية ومعها وبعدها هو أن تخرج إسرائيل من هذه المعركة مهزومة ومنكسرة.
خروج إسرائيل من هذه المعركة منتصرة هو ليس خطر فقط على غزة وعلى الشعب الفلسطيني وعلى القضية الفلسطينية إنما على كل دول المنطقة وشعوب المنطقة وبالدرجة الأولى على لبنان، ولذلك كان يجب أن تفتح هذه الجبهة لتساعد وتساهم في منع إسرائيل من الإنتصار وفي إلحاق الهزيمة بها، وهذه هي المسؤولية الوطنية التي شرحها الأخوة كثيرا في هذه المناسبات ولكن أحببت التأكيد عليها أيضا.
ثالثا، منذ بداية المعركة في الجبهة اللبنانية يعني من 8 تشرين حتى اليوم كلنا نسمع وما زلنا حتى اليوم نسمع كما هو الحال في البلدان الأخرى، يعني نفس هذا النقاش موجود في اليمن والعراق وفي أماكن أخرى حول هذه المعركة ليس حول جدواها، يعني مرة يجلس الواحد ويناقشك أن الذي تفعلوه في الجبهة اللبنانية كم هو مفيد وكم هو مجد، كم يزعج العدو ويضعف العدو ويلحق هزيمة بالعدو ويشارك في إلحاق الهزيمة بالعدو ويضغط على العدو، ومرة يأتي شخص ويناقش وحقه أن يناقش ولا مشكلة في النقاش، نحن لدينا منطق ودليل واستدلال وأرقام وشواهد إلى ما شاء الله، فيما يلحق بالعدو نتيجة هذه الجبهات انطلاقا من غزة والضفة ولبنان واليمن والعراق وسوريا وكل الموقف الموجودة. على مستوى الخسائر البشرية والاستنزاف البشري وما يلحق بجيش العدو وموضوع الجرحى والأمراض النفسية والخسائر الاقتصادية والمهجرين والنازحين والمأزق السياسي وا وا وا والخسائر الاستراتيجية التي تحدثت عنها وسنعيد التحدث عن بعضها يوم الجمعة.
لدينا منطق وشواهد ولدينا أدلة، ان شاء الله لا يوجد مشكلة أن يأتي أحد ويقول لك تعال لنجري نقاشا بالجدوى، لكن المشكلة هي أنه عندما يأتي أحد ويقول لك "ما في جدوى" ومطلوب أن تتوقف وما تقوم به خطأ، وما تقوم به غير صحيح، وما تقوم به يلحق ضررا بلبنان، ولا يخدم القضية الفلسطينية ولا يخدم غزة. طبعا، هذه كارثة، هنا الكارثة الأخرى إلى جانب هذه الكارثة، وطبعا يتم التعبير عن هذا الموقف بأشكال مختلفة وأحيانا بتعابير أيضا مهينة ومسيئة للشهداء وللجرحى وللتضحيات وللمضحين وللنازحين ولأهلنا في القرى في الجنوب ولكل المقاومين في لبنان وفي المنطقة. ما أريد أن أقوله في هذا السياق، خصوصا عندما نتحدث عن جرحى وأسرى، أنتم عايشتم الجرحى من ال82 والأسرى منذ ال82، لكن الآن لدينا أجيال جديدة لم يكونوا بـ82 ولا في الثمانينيات والتسعينيات ولم يعايشوا تلك المرحلة.
أنا أود مخاطبة الأجيال الجديدة خصوصا، وأيضا الخطاب للعام وهذا لا يتعلق فقط بلبنان. انظروا هذا الاختلاف والانقسام في الموقف، هو قديم، من ال82 هناك فئة أصلا لديها موقف مسبق، يعني أيا يكن الانجاز وأيا يكن الانتصار واضحا بينا، حاسما، مشرقا، مضيئا، منيرا، يقول لك لا، لا، لا، ما في، هذا وهم، هذا وهمي، هذا غير صحيح، "خلص" هناك موقف مسبق مثلما كان يحدث مع الأنبياء عليهم السلام يقومون بمعجزات وينزلون كتبا سماوية، ويحدثوا كرامات وآيات الهية، "خلص" "ما في الله وأنت مش نبي" خلص".
لذلك هناك فئة من الناس لديها موقف مسبق وعداء مطلق وينطبق عليهم عنوان "صم، بكم، عمي" تتتكلم لا يسمع، وتظهر له لا يرى، وغير حاضر أن يعترف، وليس حاضرا للاقرار، هو بقلبه من الداخل في الجلسات الداخلية يمكن أن يعترف، لكن على الملأ وأمام عامة الناس لا يستطيع أن يعترف نتيجة الموقف المسبق الذي اتخذه. هناك شواهد كثيرة، لا نريد صرف كل الوقت على هذه النقطة.
سنة 85 هزمت المقاومة الجيش الذي لا يقهر، وأخرجته من بيروت والضواحي وجبل لبنان وصيدا وصور والنبطية والبقاع الغربي وراشايا، ويبقى يناقشك بجدوى المقاومة.
سنة 2000 أخرجته من الشريط الحدودي وبقي يناقشك بجدوى المقاومة، ويأتي ويقول لك إسرائيل نفذت القرار 425 سنة 2000، يقول لك من قال انكم انتصرتم من ال2000 وإلى 2006 ومن ال2006 وحتى بدء الأحداث، أمن وأمان وحدود آمنة وعدم جرأة إسرائيلية على الاعتداء على لبنان.
تقدم هذا الانجاز، الحماية الأمنية القائمة على موازين الردع، يقول لك: لا، لا، هي إسرائيل ليس لديها مشكلة مع لبنان. هذه الفئة الحوار والنقاش معها غير مجد.وتعبر عن آراءها بطريقة أحيانا مؤذية.
ما أود قوله هنا للناس، خصوصا لجيل الشباب الأكثر تأثرا، الذين ينفعلون ويغضبون ويخرجون على مواقع التواصل الاجتماعي، ويعبروا بأشكال أحيانا قاسية جدا على أصحاب هذه المواقف، أقول لهم: أولا يا شباب هذه فئة ميؤس منها، لا إذا ناقشتها أو إذا اعترضت عليها ولا إذا هجمت عليها أو إذا انتقدتها، هذا لا يقدم ولا يؤخر، هذا موقف إلى يوم القيامة.
إذا النصر ينزل من السماء ويرونه، سيقول لك هذا ليس نصرا وهذا ليس انجازا وهذه المقاومة ليس لها جدوى، وما يحمينا هو القرار الدولي، القرار الدولي يحمينا، القرار 1701 هو الذي يحمي لبنان. من ال2006 ولليوم آلاف الخروقات بحسب احصاءات الجيش اللبناني والقوى الأمنية الرسمية ولم يحمى.
من حمى لبنان هي هذه المعادلة التي صنعتها المقاومة والجيش والشعب. على كلا، هذه فئة ميؤوس منها، لا تعذبوا قلبكم، ولا تتعبوا قلبكم، ولا تحزنوا ولا تزعلوا ولا تغضبوا، "مرروا طنشوا".
أنا أود أن أوصي بهذا الموضوع بنقطتين:
النقطة الأولى، الأمر الأول، نعم هناك شريحة كبيرة جدا في مجتمعنا اللبناني وفي كل المجتمعات قد تتأثر بهذا المنطق، نحن يجب أن نتطلع إلى هؤلاء إلى هذه الشريحة التي ليست صم بكم عمي "وغير مقفلين" وللذين لم يتخذوا موقفا مسبقا وحاسما موقعه، لا، لديه إمكانية أن يقبل الاستدلال والمنطق والحجة والبرهان، وقد يتأثر بذاك الموقف وبتلك الكلمات وتلك المعلومات الخاطئة وتلك التضليلات والتزويرات والتحريفات، يجب أن نركز خطابنا إلى هذه الشرائح خصوصا أجيال الشباب الذي قد يقبل منك ويمكن أن يقبل من غيرك.
اليأس، اليأس من هذه الفئة ومن هؤلاء الخواص، أما عامة الناس حتى التي تتأثر بهؤلاء الخواص يجب ان لا نيأس منها، ويجب أن نبقى نخاطبها ونشرح لها، ونحاول أن نقنعها وأن ندعوها إلى الموقف الحق الذي هو مصلحة لبنان ومصلحة المنطقة.
والنقطة الثانية في هذا السياق، يجب أن نحرص أن لا يؤدي هذا السجال إلى نزاعات طائفية، أن لا نحوله إلى نزاع طائفي. هذه من مصلحة إسرائيل، من مصلحة المشروع الآخر، ليس من مصلحة البلد والوطن ولا المقاومة ولا الكرامة الوطنية ولا مشروع الانتصار، كيف يصبح الموضوع مسلم مسيحي، أو اتباع مذاهب هنا وأتباع مذاهب هناك، هذا خطا لأنه من عبر عن هذا الموقف هنا مسلم، ومن عبر عن الموقف هناك مسيحي.
هناك مواقف سياسية يجب أن لا نأخذها ونحولها لموقف ديني أو موقف يحمل مسؤوليته لطائفة بكاملها. هذا الانقسام في لبنان منذ العام 82 موجود بالنسبة للموقف من إسرائيل، من ال48، من قيام هذا الكيان، هناك مسلمون ومسيحيون ضد إسرائيل وقاوموا اسرائيل وقاتلوا إسرائيل وقدموا شهداء في مقاومة إسرائيل. شهداء مسلمون وشهداء مسيحيون، وجرحى مسلمون وجرحى مسيحيون، في معتقل الخيام كان هناك مسلمون ومسيحيون.
وأيضا بالتحالف مع إسرائيل والتعامل مع إسرائيل والخيانة لإسرائيل والعمالة لإسرائيل كان دائما هناك مسلمون ومسيحيون، بشبكات العملاء الأمر ذاته، وفي جيش انطوان لحد الشيء نفسه. في جيش انطوان لحد لا يعتب أحد على أحد، كان فيه مسلمون ومسيحيون، مسيحيون من كل الطوائف ومسلمون شيعة وسنة ودروز، وأيضا هناك أناس يقفون على الحياد من المسلمين ومن المسيحيين. في استطلاعات الرأي عندما تسأله يقول لك ليس لدي رأي وليس لي علاقة، هؤلاء فيهم مسلمون وفيهم مسيحيون.
إذا لا يجوز نتيجة ان هنا يوجد رجل دين معين، رجل سياسة معين، اعلامي معين، حزب معين، جهة معينة، جمعية معينة، لها لون طائفي معين، أن نحول المشكل إلى مشكل طائفي، هذا فيه خسارة، فيه خسارة اخلاقية واجتماعية ووطنية، بل يجب ان يبقى الموقف في دائرة أصحاب الموقف أنفسهم. نحن ندعو دائما إلى موقف وطني واحتضان وطني، ونقدر كل المواقف الوطنية، وهناك مواقف في مختلف الطوائف لقيادات وشخصيات ومرجعيات وشباب وصبايا وطلاب وطالبات ونخب نراهم ونسمعهم ونقرأهم أيضا وشخصيات حقيقية في مواقع التواصل.
ولأكون صريحا هناك بعض المسيحيين الذين يتخذون موقف معادي من المقاومة عندما يرون أسماء مسيحية في مواقع التواصل تؤيد المقاومة يقول لك هذه أسماء وهمية، جيد. ومن يتحدثون على الشاشات هذه أسماء وهمية؟ من يتحدثون عبر التلفزيونات؟
ومن يتحدثون بلحمهم وشحمهم ودمهم ولسانهم ومن يكتبون بأسمائهم الصريحة، لا أسماء وهمية لا في الوسط المسلم ولا في الوسط المسيحي. في كل الطوائف هذه حقيقة. يجب أن يكون هذا الأمر نقطة قوة، لا يجوز أن نفقدها نتيجة أحيانا عصبيات أو انفعالات أو الغضب او التسرع في الموقف.
رابعا، الذي يتحمل العبء الأول اليوم في المواجهة في الجبهة اللبنانية هم أهلنا في القرى الأمامية في القرى الحدودية خصوصا وأهل الجنوب عموما، ويتضامن معهم لبنان، الإخوة من البقاع يأتون ليقاتلوا في الجنوب، ويستشهدون في الجنوب، وهكذا في الضاحية، وهكذا من المناطق الأخرى.
لكن الذي يحمل العبء بالدرجة الأولى الآن على مدار 129 يوما وإلى انتهاء هذه المعركة، هم أهل القرى الحدودية وأهل الجنوب، لأن المواجهة هناك، والقتال هناك، والعمليات هناك، والنازحون من ديارهم وبيوتهم من هناك، والذين تدمر بيوتهم وأرزاقهم ومحلاتهم هم أهل هذه المنطقة، والذين تقصف محيط بلداتهم وأحيانا بلداتهم ويمتد القصف أحيانا إلى العمق هو الجنوب، والذين يقدمون أولادهم شهداء أيضا إذا تلاحظون هناك ظاهرة في هذه المعركة أن عددا كبيرا من الشهداء هم من أهل القرى الأمامية، هم من أبناء عيتا، وهم من ابناء بليدا ومن أبناء ميس ويارون ومارون ويارين والخيام ونعد كل القرى
أهل القرى الأمامية هم الذين يقاتلون، وهم الذين يقدمون أولادهم شهداء. هذا الموقف الذي استمر أربعة أشهر ومستمر هو في الحقيقة يعبر عن ارادة أهل القرى الحدودية، الارادة الحقيقية، عن ارادة الاغلبية الساحقة، نحن لا ندعي اجماعا على موقف في لبنان. صعب أن تجد اجماعا على موقف. طبيعي ان يكون هناك أناس لديهم رأي آخر، لكن في الجنوب وفي القرى الحدودية هناك غالبية ساحقة وعابرة للطوائف حتى لا يقول أحد شيعة فقط، شيعة وسنة ودروز ومسيحيين ووطنيين، هناك غالبية ساحقة في القرى الحدودية وفي الجنوب هذه ارادتها، هذا خيارها، هذا قرارها، ولذلك هي ليس فقط تحتضن هذا المقاومة وهذا الخيار، بل هي التي تمارس فعل المقاومة وفعل الخيار، هي التي تمارس ذلك في الميدان دما وجراحا وخوفا وأملا ورعبا وانجازا وبطولة واقداما على كل النواحي، وهؤلاء يجب أن يحترم رأيهم أيضا، ويجب أن تحترم ارادتهم أيضا، وهذا الموقف هو ليس موقفا عاطفيا او موقف حماسي، نتحدث عن معركة، عن قتال، هذا يعبر عن وعي وبصيرة اهل الجنوب وأهل القرى الأمامية لأنهم هم الجزء الأكبر في لبنان الذي عانى من وجود اسرائيل وهذا الكيان الغاصب منذ 1948.
الاعتداءات أين؟ أغلبها في القرى الأمامية، في الجنوب القتل، الخطف، المجازر، القصف، التهجير، النزوح، وأهل القرى الأمامية وأهل الجنوب بناء على التجربة من 1948 إلى اليوم شهدوا بأم العين ان الذي يستعيد أرضهم هي المقاومة، أن الذي يحمي كرامتهم ودماءهم وأبناءهم وأرزاقهم هي المقاومة، أن الذي اعادهم إلى بيوتهم هي المقاومة، وأن الذي يعيدهم إلى بيوتهم هي المقاومة، وأن الذي يضع حدا لاطماع وتهديدات اسرائيل هي المقاومة.
ولذلك كانوا هم المقاومة، لذلك هم يحتضنون هذه المقاومة، ويعبرون عن تأييدهم لها، يرسلون أولادهم للقتال حتى الاب والأم الذين لم يرزقوا إلا بولد وحيد، بولد وحيد، قبل أيام أحد الاخوة أخبرني بقصة، قال في عائلة شهيد لديه ولد صغير، لا يزال ببداية وعيه، عندما يسألوه، أنه أنت ابن الشهيد ماذا تريد؟ ماذا تتمنى؟ قال أنا قلت لأمي أول شيء وأنا وحيد لها أنه عندما أكبر عليك أن تعطيني رسالة ليسمحوا لي أن ألتحق بالمقاومة، هؤلاء هم عوائل الشهداء، تريدون ان تعرفون إرادة أهل القرى الحدودية وأهل الجنوب وكل من يدعمهم في لبنان؟ اسمعوا عوائل الشهداء، أمهات الشهداء، زوجات الشهداء أباء وأولاد وبنات الشهداء، هذا التعبير الصادق والمخلص والوفي والمعطاء، الموقف من موقع التضحية، هؤلاء يعبرون عن موقفهم من خلال قتالهم من خلال احتضانهم للمقاومين، هذه بيوتنا خذوها وهم يعلمون أن تردد المقاومين إلى هذه البيوت، البيوت ستدمر، لكن إن شاء الله سيعاد بناؤها إن شاء الله وأحسن مما كانت، يقدمون فلذات اكبادهم وليس فقط بيوتهم ومفاتيح بيوتهم، ويصبرون على المعاناة والهجرة والقلق والخوف وهذا طبيعي، عندما تحصل غارات جوية، الناس، المدنيون، والنساء والأطفال كل هذا يتحملوه، الجراح يتحملوه، كل شيء يتحلمون، ويعبرون عن ذلك، تشييع الشهداء، هذه ظاهرة الإصرار من أهل القرى الحدودية أن يدفنوا شهداءهم في القرى الحدودية، وأن يشيعوا شهداءهم بهذا الحضور الكبير الذي لم يتوقف حتى الان في القرى الحدودية وتحت عيون المواقع الإسرائيلية المحتلة، هو تعبير عن هذه الإرادة وعن هذا الخيار، هذا الذي يجب أن يحترم، في المناسبات السياسية وفي المناسبات الجماهرية، في الانتخابات النيابية، هم يعبرون، بأغلبيتهم الساحقة عن هذا الخيار، وفي الحقيقة اليوم قوة المقاومة في الجنوب، قوة المقاومة من خلال حضور كل فصائلها في حزب الله وفي حركة امل وفي الحزب القومي وفي بقية الأحزاب المشاركة، هو ليس فقط في قوتها التنظيمية أو قوتها العسكرية والتسليحية، وإنما في هذا الاحتضان الشعبي الصادق الكبير الوفي لها.
هنا نقطة القوة الأولى، وبعدها تأتي نقاط القوة الأخرى، ونحن نستند على هذه الجبال الراسية من الإرادات الصلبة، من العزائم القوية للرجال والنساء والصغار والكبار وهذا ليس جديدا على أهلنا في الجنوب ولا في البقاع ولا في لبنان، هذا شهدناه طوال أيام المقاومة في مواجهة الاحتلال وبشكل أوضح في حرب تموز 2006، وفي الحقيقة هذه المقاومة بهذه التضحيات وهؤلاء الأهل بهذا الصمود هم أيضا الذين يدافعون عن كل لبنان، وإلا إسرائيل كانت تستبيح كل لبنان، هل تذكرون قبل الـ1982، الفصائل الفلسطينية أو المقاومة الوطنية اللبنانية كانوا ينفذون عملية ويضربون صاروخ كاتيوشا أو قذيفة مدفعية او يطلقون النار على موقع، أين يقصف الطيران الإسرائيلي؟ يقصف في العاصمة، في بيروت ويدمر المباني، اليوم جبهة مفتوحة، من 129 يوما، يوميا عمليات على المواقع وعلى تجمعات العدو وعلى آلياته وبصواريخ ثقيلة ونوعية وإلحاق خسائر فادحة وكل ما لحق بالعدو من خسائر لكن هو يقاتل ضمن حدود وضوابط وما زال يقاتل ضمن حدود وضوابط معينة، نعم يهدد بالتوسعة وهذه نقطة سأذكرها بعد قليل، هذه التجربة ثبتت واحدة من اهم إنجازات المعركة في الجبهة اللبنانية أنها ثبتت موازين الردع، وأثبت أن لبنان لديه قوة رادعة حقيقية، والا كيف يستطيع هذا اللبنان الصغير الذي كان مستضعفا ويحتل وتقصف عاصمته، هذه أربعة أشهر والإسرائيلي لا يزال يحسب ألف حساب، أنا لا أقول أنه لن يفعل شيئا بالمطلق، لا يمكنني أن أتحدث عن القطعيات، لكن بالدليل إلى الان هذه أربعة أشهر ما زال يحسب ألف حساب عندما يريد أن يوسع ويمتد كما ونوعا، لأنه يوجد حسابات مع لبنان، هذه من إنجازات هذه الجبهة، على كل، وهذا أيضا هو الذي يعطي قيمة للبنان.
اليوم إذا يوجد في أميركا من يسأل عن لبنان ويرسل لكم وفودا، وفي فرنسا كذلك وفي ألمانيا وبريطانيا وفي الاتحاد الأوروبي وفي العالم العربي ولا أدري أين، فبسبب هذه الجبهة وبسبب هذه المقاومة وبسبب هؤلاء الأهل، وهذه النقطة الخامسة، خامسا، كل الوفود التي أتت إلى لبنان وتأتي إلى لبنان، أتت خلال الأربعة أشهر الماضية والتي سوف تأتي، دعونا نتكلم بصراحة وصدق وشفافية، هذه لها هدف واحد، هو أمن إسرائيل، حماية إسرائيل، وقف إطلاق النار على المواقع الإسرائيلية، لنرى كيف سيعود الـ100 ألف مستوطن الذين هم محتلون وهذا الرقم باعتراف نتنياهو وباعتراف بعض المسؤولين الإسرائيليين 230 ألف، وهذا له نقاشه، حسنا 100 ألف، كيف سيعيدون الـ100 ألف إلى المستعمرات في شمال فلسطين المحتلة فقط، فقط، كل هذه الوفود التي أتت إلى لبنان وأتت بمقترحات وأفكار وطروحات وآليات، هدفها الوحيد كله ولا هدف ثاني، هدفها الوحيد، وهناك أصلا يوجد من يأتي لك بمقترح ليس كوساطة، ليس أنه ناقش الإسرائيلي وأخذ ورقة منه وجاء ليناقش اللبناني ويأخذ الورقة اللبنانية ويقدم في الاخير ورقة كوسيط، كلا، هو يأخذ الورقة الإسرائيلية يتبناها بالمطلق وحرفيا، ويأتي إلى لبنان ويقدمها لك على أنها ورقته، تقرأ الورقة انت ولا تجد شيئا إلا أمن إسرائيل، ومن الان أمن إسرائيل، تسألهم، بمعزل عن تفصيل الطرح الذي يقدموه، يعني الان إذا أوقفنا الجبهة الجنوبية في لبنان ماذا عن غزة؟ العدوان على غزة، تجويع غزة، قتل أهل غزة، المجازر الليلية في غزة، تسمع كلاما عاطفيا، وكلاما مثل إننا سنرى ونعمل ونشتغل، أنا أقولها شعبيا لا يوجد في كل الورقة أي ذكر لغزة، لا يوجد 30 ألف شهيد و60 ألف جريح ومليونين و300 ألف مهدد بالقتل والجوع على مدار الساعة، لا يوجد، وأنت تقول له أوقف الحرب على غزة لنجلس ونتكلم، الجواب: نرى موضوع غزة لاحقا، الآن علينا أن نوقف الجبهة في جنوب لبنان، حسنا، تسأل عن غير موضوع غزة، أرضنا المحتلة ماذا؟ هذه الـ 13 نقطة والغجر ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا؟ الجواب يكون: إن شاء الله إن شاء الله، هذه تأتي بالمرحلة الأخيرة نجري مفاوضات.
يعني المطلوب ان تعطي الامن للإسرائيلي وتوقف الجبهة معه وان يطمئن الإسرائيلي ويعود المستوطنون وكل شيء تمام وأن تنفذ انت الإجراءات التي يريدونها منك والتي قرأوها في وسائل الإعلام وبعد ذلك سنرى ماذا سنفعل بأراضيكم المحتلة، حسنا، الاعتداءات الإسرائيلية والخروقات الإسرائيلية ماذا عنها؟ من الـ 2006 إلى اليوم الاف الخروقات والاعتداءات، هذه أيضا نبحث لها عن حل، يعني كله على الوعد يا كمون، يعني يجب عليك أن تدفع سلفا وبعد ذلك نرى، هذه بالتبسيط المبادرات المطروحة على المستوى اللبناني، طبعا أنا الان لا أريد أن أدخل في النقاشات حول هذه الطروحات، نحن لدينا رأي لا أريد أن أناقشه بالإعلام، نحن عادة بشكل طبيعي موجودون بمجلس النواب وموجودون بالحكومة وعلى تواصل مع دولة الرئيس نبيه بري ودولة الرئيس نجيب ميقاتي وباعتبارهم الرؤساء، ووزارة الخارجية والجهات التي عادة تزار ويحصل فيها لقاءات معها، وبالخصوص هذا الموقف نحن معنيون حزب الله وحركة أمل كثنائي مقاوم بالدرجة الأولى معنيين أن نتشاور وننسق ويكون موقفنا موحدا وهو كذلك إن شاء الله، ولذلك هم يأخذون أجوبتهم من مسؤولين في الدولة ولست معنيا أنا أن أعطي أجوبة، ولكنني أحببت أن أضيء على الموقف، وثانيا لأقول ما يلي: أولا، هذه الوفود عندما تأتي ومستعينة بتصريحات إسرائيلية تحاول أن توظف وتهول يعني يوجد تهويل كبير جدا جدا، يوجد واحد من هؤلاء الوفود، لا أريد أن أقول صفته العربية أو الأجنبية، قال: "إذا جبهة جنوب لبنان لا تقف بعد يومين، إسرائيل ستبدأ الحرب". هذا الكلام من شهر، أنا متأكد ان هذا الكلام من عنده، حتى الإسرائيلي لم يقل له اذهب وقل هذا الكلام.
تهويل، إسرائيل تريد أن تشن حربا عليكم وتفتح حربا عليكم وتدمر البلد وتفعل وتفعل.
يا حبيبي لو إسرائيل تستطيع أن تشن هذه الحرب لفعلتها من ثاني يوم أو ثالث يوم أو من رابع يوم، انا لا أقول لن تفعل ذلك، أنا لا أتحدث جزميات وقطعيات، أنا أقول وقائع، كل هذه الوفود أتت وأقامت حفلة تهويل لها أول وليس لها آخر، طبعا لم تجد نفعا.
ثانيا، أيضا المكاسب السياسية التي يلوح بها من هنا وهناك لا يمكن أن تؤثر على موقفنا ولن تؤدي إلى وقف هذه الجبهة، الان في موضوع الرئاسة وموضوع المكاسب السياسية الداخلية وفي موضوع التوظيف السياسي الداخلي، هذا الموضوع سأتكلم عنه إن شاء الله الجمعة، لكي أبقي بعض الوقت للنقطة الأخيرة، لان موضوع الرئاسة موضوع مهم ويجب أن نتكلم به قليلا، والموضوع الذي يستثار كثيرا ويحكى عنه وهو موضوع التوظيف السياسي للجبهة الجنوبية أو الانتصار، وهنا أقول حتى الذي يقول لك أنه لا جدوى من المعركة في الجنوب وهو يشد ظهره بأميركا وإسرائيل هو يسلم بأنهم هم المهزومون ولذلك من الان يقول لك ويناقشك أنه هل ستوظف انتصار المحور في الساحة الداخلية أو لا؟ أنظروا كيف يناقض نفسه في نفس المقابلة والحديث، هذا نعود له، إذا هذا موضوع لا يقدم ولا يؤخر، الجبهة في جنوب لبنان هي جبهة ضغط ومساندة ودعم وتضامن ومشاركة في إلحاق الهزيمة بالعدو الإسرائيلي، وإذعاف هذا العدو، إضعاف جيشه ومستوطنيه وسياسته واقتصاده وأمنه حتى يصل إلى النقطة التي يقتنع فيها أن عليه أن يوقف عدوانه على غزة ونقطة على اول السطر، نحن ليس لدينا أي كلام أخر، فلتهولوا ولتهددوا ولتوسعوا ولتفعلوا ما تريدونه، حتى شن الحرب لن يوقف هذه الجبهة، هذه الجبهة سيقف إطلاق النار فيها فقط عندما يتوقف العدوان على غزة ضمن اتفاق واضح مع المقاومة في فلسطين ومع المقاومة الفلسطينية في غزة.
أيضا نحب أن نقول للوفود وللناس في لبنان، ممن يأتوننا بأوراق وشروط، العدو ليس في موقع من يفرض الشروط على لبنان، ليس هو القوي ولبنان الضعيف، كلا، هو الضعيف والمهزوم وهو العالق بالمشكل، هو الذي منذ أربعة أشهر فاشل وعاجز ولا يستطيع تحقيق الأهداف المعلنة، هو الذي منذ أربعة أشهر، هذا الجيش الذي لا يقهر! 6 إلى 7 فرق قاتلت في غزة ولم تستطع أن تحسم المعركة في غزة، هذا الإسرائيلي الذي يذهب لأول مرة قضائيا واقتصاديا وتصنيفيا وداخليا يعاني ما يعاني، هو من في مأزق، ليس لبنان من في مأزق، وهو المأزوم وليس في موقع من يأتي ويفرض الشروط، في الحقيقة الموقف الرسمي اللبناني يقول: تطبيق القرار 1701. انا ادعو الموقف الرسمي اللبناني ان يضع شروطا اضافية على 1701 وليس فقط تطبيقه. الان نتكلم بين بعضنا، نتفاوض ولكن احببت ان اقول هذا الكلام كي لا يتصرف أحد على ان لبنان ضعيف ولبنان خائف ومأزوم ويأتي ليفرض عليك الشروط ويأتي بمقياس المسافات 7 كلم و10 كلم وقبل النهر وبعد النهر.
طرفة نقلت لا ادري ان كانت صحيحة ام لا، نقلت عن صاحبها وان كان هو صاحب طرفة من دون ان اذكر اسمه لانني لست متأكدا اذا قالها ام لا: "انه بالمفاوضات عم ينقلوا انه بدنا نرد حزب الله على شمال النهر، قال لهم والله منجيب النهر عالحدود اهون من رد حزب الله عشمال النهر". هذه الحقيقة اين يعيشون؟ بأي عقل يعيشون؟ بأي حلم يعيشون؟ لا، لبنان هو في موقع قوي وفي موقع المبادر ويستطيع ان يكون ايضا في موقع من يفرض الشروط.
النقطة الاخيرة والتي هي مسألة التهويل والحرب وتوسعة الحرب، دعوني ان اتكلم فيها كلمتين ، اذا الوقت لم يساعد اكملها ان شاء الله الجمعة إن بقينا على قيد الحياة. أول ما فتحت الجبهة هناك أجواء في لبنان يقوم بها احدهم، ان هذا سيؤدي الى ان يشن العدو حربا على لبنان وانتبهوا ماذا تعملون؟ ستدمرون البلد، ستحرقون البلد، ستخربون البلد. كما تحدثت منذ قليل، مضى اول اسبوع، ثاني اسبوع، اول شهر وثاني شهر وثالث شهر ورابع شهر ولا زلنا ضمن انضباطية معينة ولاحقا نلاقي لها مصطلحاتها، جوهرها موازين الردع ويوجد حسابات دقيقة عند طرفي القتال والى حد الان لازال الموضوع هكذا.
لكن توجد أجواء كبيرة من التهويل يشارك فيها احيانا سياسيون اعلاميون وهذا موضوع يجب ان ننتبه له، احيانا انت لديك وجهة نظر واحيانا يصبح الموضوع بالحقيقة يرقى الى مستوى الانحطاط الاخلاقي، واسمحوا لي بهذه العبارة، الى مستوى السفالة، تشعر ان هناك شخص فاسد. متلا قبل مدة منذ شهر ونصف تقريبا هناك بعض مواقع التواصل اشتغلت ليلا ونهارا وحددوا موعدا لبدء الحرب على لبنان، وبعضهم ينتمون الى حزب سياسي معروف في لبنان ومعين ويوجد شخصيات فاعلة على مواقع التواصل الاجتماعي ومعروفون ولا يشرفني أن اقول اسماءهم على لساني وبعد قليل كتبوا يا اهل الجنوب يا أهل لبنان في الساعة الفلانية اتخذ قرار وستبدأ الحرب على لبنان؟ هذا من يخدم؟ هذا اصلا انسان! هذا عنده احساس واخلاق وقيم ومشاعر؟ والله هذا شيء آخر بالكامل. عندما يتكلم الله سبحانه وتعالى عن أسفل السافلين هذا اسفل السافلين، الانحطاط. ايضا مشهد آخر لمشاهد السفالة والانحطاط ومن الممكن فعلها بعض