رأى رئيس مجلس النواب نبيه بري في حوار أجراه معه رئيس تحرير مجلة "روز اليوسف" أحمد الطاهري ، أن الواقع بعد حرب غزة "يتوقف على عدة محددات لتقدير الموقف، فلكل طرف أهداف استراتيجية من هذه الحرب، سواء المقاومة أو الاحتلال".
وعما إذا كان الاحتلال حقق هدفه من الحرب رغم كل ما جرى من قتل واستشهاد عشرات الآلاف، قال: "هم باستشهادهم وتمسكهم بأرضهم يغزلون ثوب الحرية للقضية لأن "ثوب الحرية من حرير يحتاج الكثير من التضحيات".
اضاف: "الإجابة القاطعة أن الاحتلال لم يحقق هدفه ولن يحققه، فإذا كان هدفه المعلن هو القضاء على حماس أقول، وهذه معلومات، ان المقاومة الفلسطينية لم تفقد إلا 10 في المئة من قدراتها منذ اندلاع القتال ولديها قدرة على الصمود. أما الاحتلال فخسائره متعددة وكبرى سياسيا واقتصاديا وعسكريا واستراتيجيا أيضا".
وتابع: "الآن الشارع العربي يلتف حول القضية الفلسطينية رغم محاولات قتلها في الضمير العربي، وهنا أحكي عن الشعوب العربية لأن الموقف الرسمي العربي اتسم بالحياد، وهو مصطلح أراه مناسبا دبلوماسيا، وحقيقة يجب أن نسجل لمصر وقيادتها السياسية وشعبها موقفهم الواضح منذ اللحظة الأولى بالوقوف ضد العدوان على غزة ورفض تهجير أهلها إلى سيناء أو إلى الأردن أو تهجيرهم داخليا والتصدي لمخطط تصفية القضية الفلسطينية، وتلعب مصر الآن دورا رئيسيا مع جميع الأطراف".
وقال: "البعد الآخر، أن اقتصاد إسرائيل ينزف رغم كل ما يصل إليها من مساعدات لا تستطيع أن تستمر على هذا النحو لبضعة أشهر، وهذا هو مأزق نتنياهو بخلاف ما تفرضه عليه خلافاته الداخلية في الائتلاف الحكومي الهش، فضلا عن ملاحقته قضائيا، ومن هنا يسعى لمد أجل الحرب، وأيضا قد يسعى لتوسيع رقعتها وتوريط أطراف أخرى. وهنا لا أتحدث عن لبنان فقط، حتى هذه اللحظة تتعامل المقاومة في لبنان وما تقوم به من عمليات وفق المنهج والسياق المناسبين".
اضاف: "لبنان لديه ذاكرته وخبرته من الحروب مع إسرائيل على مدار عقود، وهذه الذاكرة حضرت عند صياغة القرار الأممي الرقم 1701 عام 2006، جلس هنا معي الدبلوماسي الأميركي ديفيد وولش وتمسكت بصياغات محددة تحفظ حق لبنان في مواجهة الاحتلال، وقلت له سأذكرك في ما كنت تختلف معي فيه، ومرت سنوات وخرج من الخدمة واتصلت به لأذكره".
وعن موقف الولايات المتحدة في هذه الحرب، قال الرئيس بري: "أميركا حضرت في هذه الحرب كطرف وتجاوز الأمر مجرد الدعم السياسي والاقتصادي للاحتلال الإسرائيلى بل كان الدعم عسكريا وعملياتيا، وهذا الأمر ليس سرا وتناوله الإعلام الأميركي ودوائر السياسة الأميركية. ولكن فى هذا العام أميركا تدخل بكل اهتمامها وثقلها في مجريات وتفاعلات الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تجري في نوفمبر 2024 ولكن تبدأ سياسيا من الآن، لذا علينا أن ننتظر ونرى ما تقوده التفاعلات، ويجب الاخذ بالاعتبار أن حكومة نتنياهو قد تواجه هي الأخرى مأزق الانتخابات المبكرة هذا العام".
اضاف: "العالم كله يتغير، أدبيات الصراع العالمي تنضج، مخاض النظام العالمي لا يزال مستمرا في أكثر من رقعة. الصبر هنا سلاح استراتيجي وما وجدت "سلاحا أفضل من الصبر". علينا أن ننتبه لما يجري تجاه سواحل اليمن وباب المندب. الصراع العالمي متداخل ومتشابك تحضر فيه استراتيجية ومحورية الممرات البحرية، ويحضر صراع الطاقة والأطماع بمياه العرب".
وتطرق الى الشأن اللبناني، فقال: "لبنان حاليا لديه تحديات حاضرة وأخرى مؤجلة. الحاضرة أولها إنهاء حالة الفراغ الرئاسي، ومن هنا كانت دعوتنا للحوار والاتجاه نحو انتخاب رئيس جديد للجمهورية. أما التحديات المؤجلة فهي تلك التي نبدأ بمواجهتها بعد انتخاب رئيس الجمهورية وفي مقدمها الأزمة الاقتصادية".
اضاف: "نحن ندرك أن العالم تغير وأن أصدقاء وحلفاء لبنان الداعمين أيضا قد تغيروا، وفي هذا تتشابه مصر مع لبنان، فمثلما تركت مصر بمفردها لمواجهة تحدياتها ترك لبنان بمفرده، وهذا هو حال السياسة، وهذا هو العالم الذي نحيا فيه الآن، ومن حق كل طرف أو صديق أو حليف أن يعمل وفق مصالحه".
وتابع: "في الفترة الحالية هناك تعاون كبير مع حكومة تصريف الأعمال برئاسة السيد نجيب ميقاتى، ونسعى لتقريب كل وجهات النظر والالتفاف حول مصلحة لبنان وأن يكون لبنان أولا. من هنا أيضا كان اهتمامنا وحرصنا البالغ على ألا يترك أهل الجنوب اللبناني ديارهم منعا لحدوث هجرة داخلية في لبنان".