الرئيسية أخبار محلية
الأربعاء 18 - تشرين الأول - 2023

وزير الزراعة إلى البابا فرنسيس: نسألك التدخل الفوري وإعلاء الصوت من أجل فلسطين وبيت لحم

وزير الزراعة إلى البابا فرنسيس: نسألك التدخل الفوري وإعلاء الصوت من أجل فلسطين وبيت لحم قال وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور عباس الحاج حسن، في افتتاحية "المنتدى للعلوم والابتكار لمنظمة الفاو ٢٠٢٣ لكبار المسؤولين": "كنت أتمنى أن أبدأ كلمتي كعادتي بالتفاؤل والأمل والنظر إلى المستقبل بكل حيوية من بوابة إنسانية مطلقة، لكن اسمحوا لي أن أنقل لكم صرخات الأطفال في مستشفى المعمداني في غزة، بعد المجزرة التي ارتكبت بدم بارد بحقهم يوم أمس، وراح ضحيتها 1300 بين شهيد وجريح ، نصفهم من الأطفال والنصف الباقي من النساء".

أضاف: "بربرية وجهل ولا إنسانية لا يمكن وصفها، فاسمحوا لي أن أسأل، هل من المجدي أن نبحث في سبل تعزيز العلوم والابتكار وتطوير للنظم الغذائية والصناعية الزراعية وتأهيل الممارسات الزراعية لمواكبة المتغيرات المناخية، في ظل هذا الموت وهذا الظلم، وهذا القهر في فلسطين، ولماذا نبحث عن كل ذلك؟ أليس من أجل كرامة الإنسان وتأمين لقمة العيش؟ أليس من أجل الأجيال المقبلة أن تعيش بأمل وسلام وحرية؟ أين هي هذه العناوين؟ فكل ساعة مجزرة ترتكب، وأطفال تسحق أجسادهم تحت الركام بآلة القتل الإسرائيلية. إنه مشهد لا يمكنني إلا أن أنقله لكم: أم لطفلة كانت تبحث عن طبيب لها لتداويها تركتها في المستشفى لتعود بعد ساعة لتفقد الطفلة والطبيب والمستشفى".

وتابع: "إني أطلق صرخة من هنا، من منظمة الفاو التي وقفت دائما من أجل مساعدة الشعوب، ومن ايطاليا التي ناصرت قضايا الشعوب، وأناشد الحبر الأعظم قداسة البابا فرنسيس باسم الانسانية، فشخصية قداسته هي الوحيدة القادرة على إعلاء الصوت في حاضرة الفاتيكان لوقف هذه الحرب، وهذا القتل في فلسطين".

وأردف: "سيدي قداسة البابا، في مستشفى المعمداني وكنيسته أطفال قتلوا، لا يعرفون ما ذنبهم، كما قتلوا في قانا الجليل يوم قصفتهم إسرائيل وهم يلتجئون الى مبنى تابع للأمم المتحدة ، إليك نلتجئ، لنحميهم من البربرية والعنجهية التي تمارس ضدهم، وباسم 500 روح ازهقت بالأمس 800 جريح على حافة الموت من دون مستشفى، بينما كانت تطلب الامان، بين جدران مستشفى المعمداني وكنيستها بما تمثل، نسألك التدخل الفوري، وإعلاء الصوت من أجل فلسطين وبيت لحم، مهد السيد المسيح".

وقال: "ننتظر من قداستكم أن تساعدوا أطفال هذا البلد ونساءه وشيوخه باسم الانسانية، علنا نوقف حمام الدم الذي يزهق أرواح المئات كل يوم".

أضاف: "بالعودة إلى أساس وجودنا في هذا المنتدى العالمي بدعوة كريمة من منظمة الأغذية والزراعة – الفاو، وترحيب مشكور من الحكومة الإيطالية، لا يمكن الحديث عن تغيير ما بعيدا من الشراكات الوطنية أولا، والإقليمية ثانيا. شراكات تعتمد على العلم كأساس وخيار لمواجهة الازمات، والابتكار كواجب للخروج بحلول مستدامة ومنطقية تحاكي ما هو مطلوب منا في هذه الازمات".

وتابع: "للأسف، أزماتنا مركبة، وإني أتحدث عن العالم عموما، ومنطقة الشرق الأوسط خصوصا، لأننا نعاني ندرة مياه وتصحر وتغيرات مناخية أثرت سلبا على الممارسات والمنتجات الزراعية والتصنيع الغذائي، وصولا الى استمرار المزارع في الاعتماد على الطرق التقليدية التي تستنزف الجهد والطاقة والقدرات، وهذا ما يؤكد ضرورة تسليط الضوء على كيفية وضع مناهج وخارطة طريق نتبناها من خلال هذا المنتدى العالمي برعاية منظمة الأغذية والزراعة  - الفاو والانطلاق نحو العناوين الكبرى حول كيفية اعتماد العلوم والابتكار في مختلف القطاعات وإبعاد الأمن الغذائي عن كل اهتزاز".

وأشار إلى أن "فكرة مساهمة العلم والابتكار على المستويين العالمي والمحلي هي فكرة رائدة وخلاقة تحتاج، باعتقادي، إلى وضع اهداف مرحلية تتطور الى متوسطة المدى وأخرى بعيدة المدى، والسؤال دائما: هل يمكن ذلك، في ظل ازمة اقتصادية خانقة وتقصير علمي تطبيقي في عدد من المجالات واستهتار في القطاع الزراعي على اعتباره هامشيا، فالجواب لا يمكن أبدا"، وقال: "لذا، على صانعي القرار أن يغيروا نظرتهم وتعاطيهم مع الملف الزراعي التصنيعي الإنتاجي، فلتكن الأولوية لهذا الملف لما له من إمكانات في تشبيك القدرات الوطنية وتذليل الصعوبات والمعضلات في العلاقات بين الدول".

أضاف: "إننا مدعوون الى إطلاق مبادرة، لا بل توصية ملزمة لكل الدول الحاضرة هنا في هذا المنتدى حول إمكان خلق ورش عمل لتحديد الاطار الذي يجب التحرك من خلاله. وباعتقادي، إن الاستحقاق الأكبر يكمن في عملية التحويل على المستوى العالمي. أما المحلي فهو أقل تعقيدا لأن إمكان وضع الخطط الملزمة داخليا تبقى أسهل".

وسأل: "هل يجب وضع رؤية عالمية مشتركة يمكن للدول العمل بها أو مؤامتها داخليا"، وقال: "لقد شهدت أنظمة الأغذية والتصنيع الزراعي في منطقتنا اضطرابات عميقة على مدى الخمسين سنة الماضية. وتتعلق هذه التطورات في المقام الأول بطبيعة المنتجات الغذائية. ورغم وجود النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، الذي يتميز باستهلاك الفواكه والخضروات والبقوليات وزيت الزيتون ومنتجات  الحليب، إلا أن سكان منطقة البحر الأبيض المتوسط  يستهلكون اليوم المزيد من اللحوم والمنتجات ذات القيمة المضافة العالية التي تحتاج إلى كميات مياه أكبر وتضغط على الموارد الطبيعية".

أضاف: "لقد تسارع التحول إلى الأنظمة الغذائية الغنية بالطاقة والبروتينات الحيوانية والدهون والحبوب المكررة في العقود الأخيرة. وتشير التقديرات اليوم، إلى أن اثنين من كل ثلاثة أفراد من بلدان البحر الأبيض المتوسط يتركزان في المناطق الحضرية، وأن أكثر من ثلث النمو السكاني يقع في المدن الساحلية. من ناحية أخرى، شهدنا تحولا في الهياكل الأسرية والاجتماعية، إذ انتقلت من نموذج الأسرة الكبيرة، حيث كانت تتوارث  المعرفة في تصنيع الغذاء إلى نموذج الأسر الصغيرة التي تعتمد على النظم الغذائية المعاصرة".

وأشار إلى أن "دور المرأة المكرس تقليديا لإعداد وجبات الطعام في مجتمعات البحر الأبيض المتوسط الذكورية ، يميل إلى التغيير مع دخولها سوق العمل"، وقال: "يحل التوزيع على نطاق واسع محل التجارة المحلية في المدن وتتكاثر سلاسل الوجبات السريعة. لقد كان هذا التخلي عن النظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط نتيجة طبيعية لفقدان الاستدامة مع كل من التأثيرات البيئية والغذائية، وأدى إلى زيادة الضغط على البيئة لإنتاج الغذاء، وانخفاض التنوع البيولوجي، وزيادة هدر الطعام. وفي العديد من بلدان المنطقة، يمكن ملاحظة العبء الغذائي المزدوج، الذي يجمع بين نقص التغذية والإفراط في التغذية: السمنة والأمراض غير المعدية".

أضاف: "يستهلك السكان المزيد من المنتجات المصنعة، مما يؤدي إلى الإنفاق على الموارد الطبيعية - المياه والتربة، والطاقة الأحفورية.  لقد تم التخلي تدريجيا عن النظام الغذائي المتوسطي بسبب الازدهار النسبي لدول البحر الأبيض المتوسط واعتماد نماذج ثقافية أجنبية. وتوسعت الأسواق العالمية وأصبح العديد من الدول، بما فيها لبنان يعتمد على المواد الخام المستوردة والمتاجرة بها في الأسواق العالمية. يستخدم النقل البحري لتزويد العديد من البلدان بالإمدادات ويستهلك الكثير من الطاقة بسبب المسافات المقطوعة لتوفير هذا الغذاء للسكان. وهذه المنتجات ، كما نعلم، أكثر تطلبا من حيث الموارد الطبيعية - المياه والأرض – والطاقة".

وتابع: "دعونا نلاحظ بشكل عابر أنه حتى لو كانت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في  بلدان البحر الأبيض المتوسط منخفضة، أظهر إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين اتجاها تصاعديا واضحا، ويساهم أداء وتكاثر النظم الزراعية والغذائية الحالية إلى حد كبير في تسريع وتيرة تغير المناخ خصوصا في منطقتنا".

وأردف: "نلاحظ تأثر منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير بظاهرة الاحتباس الحراري، فبلغت زيادة درجات الحرارة في القرن العشرين 0،74 درجة حول العالم، بينما تخطت 1,5 في منطقتنا".

وأشار إلى أن "النظم الزراعية والغذائية الجديدة مسؤولة عن تدهور الموارد الطبيعية: التربة والمياه والتنوع البيولوجي، وهي، إلى جانب تغير المناخ، تمثل تهديدا دائما لبلداننا"، وقال: "رغم الإصلاحات الزراعية الموصى بها، فإن السياسات الزراعية والريفية العامة المطبقة اليوم في العديد من بلدان منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​لا تزال لسوء الحظ تستمر في تغذية نماذج الاستهلاك والإنتاج غير المستدامة. ومع ذلك، فإن هذه العمليات التي وصفناها ليست حتمية، ويمكن تعزيز سلوكيات غذائية جديدة تتميز بضبط النظام الغذائي، وبأسلوب أكثر انسجاما مع أساليب المعيشة والأكل في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأقل إهدارا للموارد الطبيعية والطاقة".

واعتبر أن "التغييرات الجذرية في نماذج الاستهلاك والإنتاج ممكنة للتقدم بحزم نحو التنمية المستدامة، مع التركيز على المخاوف المرتبطة بتغير المناخ"، لافتا إلى أن "إشارات ضعيفة تنبعث من الاقتصادات الزراعية والريفية في بلداننا، وتشير إلى المسار الذي يجب اتباعه من أجل التعبئة بشكل أكثر فعالية حول تدابير التحول في مجالي الطاقة والبيئة".

وسأل: "كيف يمكننا تعزيز الزراعة المسؤولة والأعمال التجارية الغذائية الزراعية وتنظيم العلاقات التجارية لصالح استعادة علاقات جديدة بين الطبيعة وأنظمة الأغذية الزراعية المفيدة لمستقبل البحر الأبيض المتوسط؟"، لافتا إلى أن "التحول في مجالي الطاقة والبيئة، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي، فضلا عن تحقيق أهداف خطة الأمم المتحدة للتنمية لعام ٢٠٣٠ وأهداف التنمية المستدامة تتطلب منا أن نتحرك نحو أشكال في الزراعة والغذاء أكثر استدامة ومرونة".

وقال: "على هذا النحو، سيكون التكامل العاجل والمنهجي لتخفيف تغير المناخ في التخطيط على مستوى النظم الغذائية الزراعية أمرا بالغ الأهمية. وفي بلداننا، بما في ذلك بلدي لبنان، لا تزال الزراعة الصغيرة الحجم تشكل المورد المحلي الرئيس الذي يساعد الأهالي الذين يتجهون دائمًا نحو المنتجات الأساسية للوجبات الغذائية للسكان المحليين على تنوعها. إن المنتجات الغذائية التي تنتجها الزراعة الصغيرة هي الأكثر تكيفًا مع عادات وتقاليد الأكل في البلدان: الحبوب وزيت الزيتون ومنتجات الألبان، وما إلى ذلك. وعليه، فإن نقطة الانطلاق الأكثر صلابة هي المناطق الريفية، حيث الحيازات الصغيرة والمتوسطة".

أضاف: "منذ تسعينيات القرن الماضي، روجت حركات المواطنين للدوائر القصيرة، والأغذية المحلية والأغذية من الزراعة العضوية أو المستدامة. وتمت دراسة العلاقة بين جودة الغذاء ومناطق الإنتاج باهتمام في بلادنا منذ حوالى ثلاثين عاما، ويظهر تطوير المؤشرات الجغرافية المرتبطة بالأقاليم والمعرفة  المحلية، على سبيل المثال، أن التنمية المحلية يمكن أن تكون حليفا جيدا للتحول في مجال الطاقة والبيئة".

وتابع: "علينا التركيز  على هذه المناطق، التي من شأن تنميتها، أن تصيب أكثر من هدف، فإضافة  إلى تعزيز الاستدامة، نعزز بقاء هذه الأسر في هذه المناطق ومساعدة اطفالهم على التعلم، وبالتالي إبعادهم عن آفات مجتمعية تتهدد مستقبلهم في حالات الفقر، وليس أخطرها الجنوح نحو التطرف والإرهاب من خلال استمالتهم بدوافع مالية".

وسأل: "ما هو دور المرأة في العملية الإنتاجية وفي خطط الابتكار والعلم؟"، وقال: "إن دور المرأة مركزي وأساسي في صناعة المجتمعات وتكوين شخصية الفرد فيه، ومن دورها الأساس الام التي تصنع الحاضر والمستقبل، هذه الأم التي بتوفير إمكاناتها تصبح قادرة على خلق بيئة خلاقة تواكب وتستثمر في الحاضر والمستقبل".

وأشار إلى أن "تجربة ريادة المرأة في العمل الزراعي الإنتاجي الصناعي كانت مهمة جدا في منطقتنا، وتحديدا في بلدي لبنان"، وقال: "قمنا بتطوير مناهج للعمل التعاوني وإخضاع ما لا يقل عن ٧٠٠ سيدة لدورات تدريبية، بالشراكة مع منظمة الفاو والحكومة الكندية، وكانت تجربة ناجحة استطاعت هذه السيدات من خلال التعاونيات التي يديرونها الى تسويق منتجاتهم في مختلف أنحاء العالم".

أضاف: "ما لا يقل عن ١٠٠٠ تعاونية عاملة في لبنان، منها ١٤٥ تعاونية نسوية هي الأنشط بالمطلق في موضوع التصنيع الغذائي والتسويق وهذا ما نصبو إليه".

وختم: "إن الانخراط الكلي في العمل التعاوني هو تجربة ناجحة، إضافة إلى العمل الإرشادي التوعوي، وأثبتت التجربة أن التعاونيات التي تديرها سيدات نجحت بشكل كبير، وهي فاعلة بشكل كبير جدا".