الرئيسية سياسية
الجمعة 21 - نيسان - 2023

إمرأة من رحم طفلة... إما الاجتياز وإما الردم (علا خليفة)

إمرأة من رحم طفلة... إما الاجتياز وإما الردم (علا خليفة)

كتبت علا خليفة في فقرة "فوضى المجتمع":

إمرأة من رحم طفلة
آفة تزويج القاصرات ليست جديدة ولا موقتة بل إنها ممتدة الى يومنا الحالي وخاصة عند المجتمع العشائري  التي ما زال يناشد ويناهض زواجهن بحكم العرف،أو صفقات أراضي،او الأخذ بالثأر،علاوة على عدم المساواة بين الجنسيين والحفاظ على شرف الفتاة في سن البلوغ
ولعل السبب الاكثر شيوعا تردي الأوضاع الاقتصادية التي حفزت على الزواج المبكر لتخفيف وطأة المصاريف العائلية.
أكثر ما ينتهك حقوق المرأة هو جريمة زواج القاصرة وصعوبة التحرر من واقع فُرض عليها،بل والأصعب هو عدم تثبيت عقد الزواج .
يُحكى في مدينة "بنابل" القبائلية عن قصة تشريع زواج من قاصر قد أتمت الثالث عشر من عمرها، وفُرض عليها أن تعيش إمرأة بعقلية طفلة.
يوم ارتدت فستانها الأبيض لم يكن لديها الخيار بالرفض كمثيلاتها من البنات القاصرات اللواتي تقيدهن كلمة الأب الأولى ولا سلطة تعلو سلطته، عاشت في وحدتها وزنزانة أفكارها من الليلة الأولى ليلة الرعب والخوف والألم، فبقيت مشاعرها حاضرة حتى بعد مضي وقت عليها، فبقيت سجينة بماضٍ انمحى بين لعبةٍ وطفولة،وضحكة بريئة،وتلاشت الرؤيا في سراب،وتوزعت معاناتها بين الحمل المبكر الصعب على طفلة في مثل سنها،
فكيف لطفلة بأن تربي طفلة ضمن قواعد وأصول التربية ولا زالت في عمر المراهقة؟
فضلاً عن معاملة زوج سيء،أناني ذو جبروت قوي، يمارس عليها شكه وغيرته المفرطة لحد الإختناق ومنعها من ممارسة اي عمل أو هواية أو نزهة خارج حيطان المنزل الأربع.
فسألت نفسها:
أيعقل أنها تعيش ومضات حائرة بين استغلال وتخلٍ لترضي عادات عشيرة،أم لأنها أنثى يفرض عليها بالحكم المؤبد؟
وما بين هذه الكلمات ضاعت حروف الهوى وانتثرت بين أوتارها لتحتضن مشاعرها الغائبة عن ذاتها....
وبدأ مشوارها بحال من الفوضى والثبات الداخلي من دون مرآة خارجية تنصفها،أيقنت التبلد في شخصيتها والقنوع المطلق والاشمئزاز من زوجها،والعفوية في الادراك والتسلط في خلق جمهوريتها النائمة على أرض الواقع في محض الحلم الدائم في الخيال الوهمي لتشبع عجزها عن كلمة "لا".
وبدأت تيقن أنه لا محال من الهروب الدائم والتذمر غير النافع والمواجهة المستمرة لأن العرف والتقاليد هم الأقوى،ولكن الاستمرارية في الحياة هي الأسمى،فبقيت في نظرة ماكرة تتنفض على الظروف وحاضنة لطفلة لن تتركها تعيش قصتها....
كانت نقلة نوعية عندما منعت زواجها بل تركتها تعيش حالة مغايرة من الاستمرارية في العلم ووصولها لأعلى الدرجات وتغيير نسبي في عقلية زوجها الصعبة بتغيير معادلتها معه...
فبدلاً من تسول الرحمة منه كانت هي الرحمة ...رمت مأساتها وراء ظهرها ودعمت نفسها نفسياً واجتماعياً واقتصادياً من خلال عملها في المأكولات البيتية، والتحقت بدورات تدريبية عبر الأونلاين ..وتمكنت من الحياة فبدلا من مضيعة وقتها بالحسرة،اصطنعت لنفسها مكانا للأمل المستمر في الحياة ...فأعطت الحرية لإبنتها كامل الحرية لتعيش الحياة وتفهمها وتمكنت من دعمها لوصولها لأعلى المراتب..
فمن واقع الألم يخلق التحدي إما الإجتياز وإما الردم ..
وهي إختارت الأولى وواصلت مسيرتها.
ويبقى السؤال الأهم
أين الدولة والأحكام من تزويج القاصرات؟
أين الحماية لهم؟
ومن يعوضهن على خسارة طفولتهن؟