الرئيسية سياسية
الإثنين 27 - آذار - 2023

فوضى المجتمع: عُري الروح (عُلا خليفة)

فوضى المجتمع: عُري الروح (عُلا خليفة)

في فقرة فوضى المجتمع، كتبت علا خليفة:

تمر بنا الحياة بعلاقات جدية تأخذنا معها لأحلام وردية، تشعلنا كالنار الممتدة في أوجه اشتعالها، تأخذنا معها دون استئذان لمنعطف الشعور اللامتناهي، تمتد الى جذور القلب لنصبح كطائر الحرية المنفرد بنفسه ...بعدئذ، وفي وقت غير مسبوق، تتلاشى هذه العلاقات دون استئذان،  لتأخذ معها هذا الطائر وتصبح كالطائر المسجون بنفسه، فتتلاشى المضامين وتضيع الورود بين نثور الخريف وتتطاير الأحلام مثل أوراقه، فتنتشر في زوايا الأرض الواسعة …وتتحول الى علاقات عابرة دون جذور ... فتارةً ترى نفسك خريفًا وتارةً أخرى ربيعًا لعاتق الذكريات القديمة المقفلة بصندوق أسود داخل زوايا روحك؛ تارةً تفتقدها فتبتسم وتارةً تواسيها بدمعة الخيبة والأسى ...إلى متى ستبقى روحك هي الملامة والمعذبة...إلى متى تسألها الى أين ذاهبة ..ترى هل فقدت حب الحياة أم فقدت روحها...
لطالما كانت الروح ملتفة بوشاح رمادي بضباب سوداوي لا يعرف الحياة إلا بمعناها الضيق وفجأة ودون تخطيط، انفتح باب الحياة ليغريها بحلوها بإطرائها بإظهار أنثويتها لها، بارتجالها لروحها المعتقة المهملة، ففرحت وتمادت معها لتكتشفها وتغوص بأعماقها، وتبحث عن مغذٍّ لهذه الروح، فقدت التفكير العقلاني التي كانت تمتلكه وذهبت مع رجل أربعيني، أغواها بكلامه المعسول وبغريزته المفرطة على جسدها أعجبها الموضوع، فغاص أكثر بين تفاصيل جسدها فانبهرت ليس منه بل من طريقته لا أحد عشق تفاصيلها مثله فأين وكيف حصل ذلك لا تذكر...فذهبت لقعر المحيط لديه فاكتشفت كذبه المدقع وافتراسه الملون لجسدها دون رحمة، وإلغائه لقوتها التي كانت تستبشر بها وتتغنى، ولبرائتها الراحلة تحت مجهر الاكتشاف للجسد، والتعلق المنحرف ليس بجسده بل بالفكرة،وعندما استرجعت عقلها النائم كان الوقت قد فات، فوقعت في بؤرة أكبر من تصورها وخيالها، خذلتها نفسها عندما رفضت الاستجابة مرة أخرى، وعند الواحدة ليلاً وصلتها رسالة على هاتفها،ففتحت الصورة وصُعقت بصورة بجسد عارٍ تمامًا وبروحٍ كادت تنطق يا للعار...رجف جسمها وتسارعت دقات قلبي كيف تتصرف، وكيف تتمالك نفسها والدمعة تكاد تصرخ من هول المنظر..
لدقائق معدودة انسحبت بكل هدوء وهاتفته وقالت بصوت خافت، اتضح أمرك ولكن اعتبرني إبنتك أو أختك فهل تتاجر بهما؟ هل يهون عليك جسدهما؟ فضحك ضحكة خبيثة هما أشرف منك وختمها برسالة نصية " هناك نساء طاهرات وهناك نساء عاهرات" لم تنس تلك الليلة التي لامت فيها نفسها وسألتها الى أين كنت ذاهبة ولمن وهبتِ هذا الجسد والفضول؟ وغرقت في بحر من الآثام والدموع ...وفي اليوم التالي نهضت بقوة جبارة وقررت أن تحل الموضوع  فواجهته بأنها ستشتكي عليه فرد ببرودة بل تفضحين نفسك وعرض عليي اتفاقية بأن ينام معها لليلة أخرى ويتركها لتذهب مع روحها ويحررها من خوفها ويمسح جميع الفيديوهات، فوافقت مرة أخرى على مجهول ...فما كان المنتظر سوى انتهاك لجسد في طريق مهجور واجباري على افتعال حركات شذوذية لتنال غريزته وبعد أن انهارت تماما لا جسد ولا روح ولا صرخة سوى غصة القلب ...تلوم نفسها أم شهوتها أم غريزتها أم فضولها ...لا تعرف
وافترقا منذ تلك الليلة الموحشة وبدأ عالمها المظلم الذي اجتمع ضمن أحاسيس القرف واللوم والحسرة، فعاشت في سبات لفترة طويلة ضمن انطوائية الذات والرجم والخوف والافتقاد للرعاية. كانت هي فقط مع نفسها مع روحها مع عريان جسد ولم تكتمل قصتها حتى صادفها شخص شرعت له قلبها فسرعان ما قصت له ما حدث معها فتقبل الفكرة وهنّأنها على صراحتها، وركبا السيارة حتى أوقفها على حافة جبل ونظر بنظرات خبيثة وفي ذهنها  مجموعة من الأسئلة هل سيفعل ما فعله سابقه؟ وسألته بكل تجرد، وفجأة وبدون أي إنذار انقض على جسد لم يلملم جراحه بعد. قاومته ولكن لم تستطِع، كادت عيناه المفتوحتان تأكلها كوحش كاسر، وانتهت مهمته.. بكلمة "لا تنهارِ بالدموع.. فمن يسلم جسده مرة يسلمه مئة مرة"....وفي الطريق اعتذر بهدية من البارفان وقلم حمرة لتعيد ترتيب وجهها. ومرة أخرى استجمعت قوى الأرض كلّها بوقت لا قوى لديها، ودخلت المنزل بضحكة من الخارج وبعاصفة تأكلها من الداخل، كرهت جسدها وأنوثتها وكل تفصيل في وجودها، ووقفت أمام المرآة لساعات تتأمل فيها تفاصيلها والدبغات المرسومة على جلدها وفراغ روحها من المشاعر وقذارتها الأولى لتنعكس على الأخرى
من تلوم نفسها؟ أم صراحتها؟ أم هوى روح؟ تذكرت مقولة لا تكسري نفسك لو مهما انكسرتِ !!!
فانتفضت ولملمت أشلاء كبريائها وتركت آثار كدماتها وراء ظهرها ووقفت  أمام مرآتها من جديد، وعاهدت روحها بملئها باليقين والارادة وصالحتها وواستها ولم ترجمها ،وسالفتها بمقولة"من منكم بلا خطيئة فليرجمني بحجر"، وحياتها التي كانت ستنهيها بغفلة عين ضمتها وهمست بصوت خافت سأعالجك ونتعافى معاً...وحياتها  كتبتها من البداية فكل خطيئة أو انحدار هي فرصة للنجاة والتعلم من مضامين الحياة والتعرف على أساليب البشر،،، فهي الرابحة من قصتها، تجربتها، دموعها، إنهيارها، وحتى وحدتها وصدقها مع نفسها هو النجاح فلا مجال للضعفاء في الدنيا؟  ما زال رب السماء يقبل التوبة الصادقة..