الرئيسية مرآة المجتمع
الخميس 04 - آب - 2022

بـ"4 آب"... تحية إلى الشعب الميّت! (شيرين الياس حنا)

بـ

تحية إلى الشعب الميت!

إي، ما تتفاجأوا، نحن شعب ميت... ميت وبس عم يتنفس، يعني مش شاطر غير باستهلاك الأوكسيجين...

بـ4 آب من سنتين، وقع انفجار مرفأ بيروت، انفجار قتلنا كلنا معنويا نفسيا جسديا وصحيا، أهالي دفنوا ضحاياهم شقف وعلى دفعات فكروا للحظة انو بيوقف الوجع هونيك، بس ما انتبهوا انو نحن بدولة عم تدفنن كل يوم وكل لحظة...

الضحايا ماتوا، وتضرروا الأحياء، توقعنا للحظات انو الغضب اللي جواتنا بدو يحرق سلطة أو يبيد فاسدين، بس متل ما قلتلكم نحن شعب ميت...
الموت منو موت الجسد، لأن يمكن 4 آب خطف أجساد، بس الأصعب هوي موت الضمير لنوصل لمرحلة انو نقعد قدام الشاشات عم نتفرج على أهالي الضحايا كل يوم ينزلوا وما يكونوا غيرهم، لا شعب حدهم ولا مين يحزنون...
لو ما نحن شعب ميت كنا زلزلنا الأرض اللي تحت اجرين كل واحد بعدو عايش وداعس على دم الضحايا، بس هوي عارف كتير منيح انو كل اللي حواليه مجرد غنم وأموات مسيرين على أهواؤو ومزاجو ومصالحو...
ينزلوا الأهالي ويدفشوهم ويضربوهم ويعتقلوهم بس لأنن بدن الحقيقة... الحقيقة؟
الحقيقة انو اللي انقتلوا يوم الانفجار ما بينتموا لمذهب معين ولا لطائفة معينة ولا لفئة اجتماعية معينة، بس نحن ببلد بيعرفوا دغري يقسموا الأموات، والزعماء ولا أشطر كلن كفوا عادي وحتى اللي كان بعد عنا أمل فيه تاجر بدم الضحايا لوصل والقسم الثاني استثمرو كرمال الخوف من استهدافو، ولما وصلوا كلن على البرلمان كانوا أسوأ من "يهوذا" تقاسموا اللجان وقسموا الأغنام، واللي ادعى بيوم من الايام الشرف طلع ذمي أكتر من غيرو لأنو كلو خايف على "المقعد"...
وبعد بدنا حقيقة؟ أصلا ما بقى تقنعنا اللي بيسموها "حقيقة" منمّقة ومقنّعة وفق مصالح الدول...
نحن ببلد يمكن عارفين شو صار، بس المشكلة لا الظالم ولا المظلوم حكي، فما بقى مننطر حقيقة لا محلية ولا دولية، لأن صرنا على دراية انو بلدنا منو غير ساحة بيطبقوا فيه مصالحهم الدولية الاقليمية البترولية النفطية الغازية المائية... وعلى حساب الشعب الميت...
نحن تخطينا مرحلة التبنيج والكوما، وإي شعب ميت، بس منركض ورا اللهاية "لهاية السلاح، والبنزين، والمازوت، والخبز، والسيادة، والكرامة، والنفط، والحليب والدوا..." ومنصير ناطرين "البنبونة" بشي "اعاشة" أو "بون بنزين" أو "100 دولار"، ومننسى... إي مننسى لدرجة منرجع منردن هني ذاتن يحكمونا ويتحكموا فينا...
عنا بقضاء جزين اللي ماتوا مش ميراي جرمانوس ولا جو حداد وطانيوس المدور ولا تيريز الحلو، لأن خلال سنتين شهدنا على انطفاء وهج الحياة بعيون أهاليهم، ام دفنت عروستها وبي لليوم ما بيقدر يحكي عن الحال اللي عاشو بلحظة تبليغو انو "بنتك جثة"، وخي مش عارف لليوم كيف يطلع الغضب اللي جواتو بعد ما بلدو هجرو وحرمو أحلى أوقات مع خيو ليرجع يجي يدفنو "جثة"، وابن خسر سندو وست ماتت ببيتها بلا ما حدا يكون حدها بلحظتها...
ونحن ما منفرق عنهم بشي، لأنو صرنا منربي أولادنا كل شبر بندر بس "مشاريع ضحايا" ما منعرف اذا بيرجعوا على البيت أو اذا نحن منرجع، بس لأنو اليوم اجا عبالو فلان يعمل فتيشة أو يزتلو كم رشق أو الدول عندها "تصفية" أو "صولد" عنا بلبنان... وإذا طلعنا كتير محظوظين بيتحولوا لمشاريع "هجرة" وبكل الأحوال محرومين منهم... وهيك نحن كمان منتحول وبقلب احترق وشبع "شوشطة" لـ"شعب ميت"...

اليوم، متل كل ذكرى بيتحول ليوم "الكلام المتفلسف"، و"كترة الحكي" و"الشعارات الرنانة الطنانة"...

بس اليوم بالذات لازم نكتر الصلاوات بركي الله بيعملو شي أعجوبة ومنوعى انو اذا رح نبقى هيك "ما في بكرا" مع اللي نصبتوهم "آلهة وزعما"، وبركي... بترجعوا "أحياء"...

                                   شيرين الياس حنا