الرئيسية بصمة الكبار
الثلاثاء 28 - آذار - 2017

البطريرك الأول الذي أعطيت له رتبة كاردينال... بولس بطرس المعوشي"مجد لبنان والعرب والشرق قد أعطي له"

البطريرك الأول الذي أعطيت له رتبة كاردينال... بولس بطرس المعوشي

إنه البطريرك الماروني الرابع والسبعون منذ العام 1955، هو البطريرك الأول الذي أعطيت له رتبة كاردينال و"مجد لبنان والعرب والشرق قد أعطي له"... إنه البطريرك بولس بطرس المعوشي.

حياته

ولد البطريرك المعوشي في جزين خلال عهد متصرفية جبل لبنان، تعلم في مدرسة الإخوة المريميين في دير القمر ومن ثم في مدرسة الحكمة في بيروت، بعدها أوفد إلى روما لمتابعة دروسه في اللاهوت والفلسفة  في الجامعة الغريغورية الحبرية.

رُسم كاهنًا في روما عام 1917  وبقي هناك حتى عام 1919، فعاد إلى لبنان ليشغل منصب أمين سر أبرشية صور المارونية، غير أنه في العام التالي، وبناءً على طلب من البطريرك إلياس الحويك، سافر برفقة المطران شكرالله خوري إلى الولايات المتحدة الأميركية، كزائر بطريركي لتنفقد أحوال الموارنة هناك، وقد تجول خلال هذه الفترة في كل من إنديانا وكاليفورنيا حيث خدم فيها لمدة أربع عشرة عامًا حتى انتخبه مجمع أساقفة الكنيسة المارونية أسقفًا عام 1934.

تنصيبه بطريركا

بعد وفاة البطريرك عريضة، فشل مجمع أساقفة الكنيسة المارونية في التوصل لمرشح يحوز ثلثي الأصوات وفق الشرع الكنسي، ما دعا البابا بيوس الثاني عشر إلى التدخل داعيا المجمع إلى تعيين رئيس أساقفة صور بولس المعوشي بطريركًا، ولم يعترض المطارنة على التعيين أو طعنوا في شرعيته، ليكون بذلك البطريرك الوحيد الذي لم ينتخب في القرن العشرين.

إنجازاته البطريركية

غدا المعوشي بطريركًا في 25 أيار 1955، وشارك في أعمال المجمع الفاتيكاني الثاني الذي انعقد بين عامي 1963 و1965؛ حيث كان له موقف بارز حين طالب بولاية البطاركة الشرقيين على أتباع طوائفهم خارج النطاق البطريركي، في ما يعرف اليوم باسم "أبرشيات الاغتراب"، وهو ما حصل، ومن ثم قبيل ختام المجمع في 22 كانون الثاني 1965 منحه البابا بولس السادس لقب كاردينال.

شهدت بطريركية المعوشي أيضًا إعلان قداسة شربل مخلوف الراهب اللبناني الماروني الأول الذي يعلن قديسًا في العصر الحديث، كما أعلن الفاتيكان خلال حبريته فتح دعوى تطويب نعمة الله الحرديني ورفقا الريّس.

أما على صعيد العمل الكنسي أصدر المعوشي عام 1973 طقساً محدّثاً للقداس الماروني على سبيل الاختبار، وهو مؤلف من نافور ورتبة واحدة فقط، تمهيدًا لبدء عملية تجديد طقسي، كان من المقرر أن تكون مدة الاختبار عامًا واحدًا فقط بيد أنّ اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية أدى إلى تأخير اصدار الرتبة الجديدة الكاملة للقداس حتى عهد البطريرك ما نصرالله بطرس صفيرعام 1992.

كذلك فعلى الصعيد العمراني، قام البطريرك المعوشي بوضع حجر الأساس للبازيليك المبني بالقرب من تمثال سيدة لبنان في حريصا، والمسمّى على اسمها وذلك عام 1970، كما قام بترميم وتوسعة الصرح البطريركي الماروني الشتوي في بكركي عام 1973.

سياسيا

من الناحية السياسية، كان البطريرك المعوشي مؤيدًا لفكرة القومية العربية، ما جعل علاقته ببعض الأفرقاء اللبنانيين الموارنة معقدة للغاية، خصوصًا إثر أحداث عام1958.

من ناحية ثانية لم تكن علاقته جيدة برئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك كميل شمعون، والذي لقّبه "محمد المعوشي"، بسبب دعم الرئيس شمعون لحلف بغداد بينما وقف البطريرك ضدّه. وعندما قام مشاة البحرية الأميركية المارينز بإنزال في بيروت صرح البطريرك: "عندما تطأ أول رجل لجندي أميركي لبنان، سأكون أول الذين يخوضون المعركة".

وخلال تنامي التيّار الناصري في أعقاب الجمهورية العربية المتحدة، استطاع البطريرك المساهمة في الحفاظ على استقلال لبنان، على الرغم من صداقته بجمال عبد الناصر .

إضافة إلى ما سبق وقف البطريرك ضد اتفاق القاهرة عام 1969 لما فيه من مساس بسيادة الدولة اللبنانية تجاه الوجود الفلسطيني المسلّح. وعندما اندلعت أحداث عام 1958 إثر اتهام المعارضة الممثلة "بالجبهة الاشتراكية الوطنية" لكتلة كميل شمعون - رياض الصلح بتزوير  الانتخابات بهدف ضمان ولاية رئاسية ثانية لشمعون، ومن ثم تحولت هذه الاحتجاجات لانتفاضة مسلّحة في أعقاب اغتيال الصحافي نسيب المتني واتهام السلطة باغتياله، لعب البطريرك دورًا بارزًا في إنهاء الأزمة ودعم في انتخابات الرئاسة قائد الجيش فؤاد شهاب، وهو ما تمّ فعلاً. لكن العلاقة بفؤاد شهاب بعد تسلّمه مقاليد الرئاسة اتسمت بالوفاق لفترة وجيزة فقط تلتها مرحلة من التباعد والخلاف، بسبب صداقة المعوشي وعبد الناصر، إضافة إلى علاقة الرئيس القويّة بالنائب البطريركي العام المطران يوسف الخوري، ما دفع البطريرك إلى الضغط على مجلس الأساقفة الموارنة لتعيين الخوري مطرانًا على صور والأراضي المقدسة وهي أبعد أبرشية في لبنان. لكن السفير البابوي في لبنان حاول إصلاح الوضع، لافتا إلى أن تصريحات الرئيس والبطريرك تنقل بقليل من الدقة ما يساهم في تعميق الهوّة بين الرجلين. ومن تصاريح البطريرك حينها: "أنا الثابت وهو العابر... قل للذي تحت (شهاب في صربا تحت بكركي) إن لا شيء يدوم".

وكان موقف البطريرك المعوشي كموقف سلفه البطريرك عريضة مؤيدًا لاستقلال لبنان ولكن مع تعاونه وانفتاحه على الشرق، كما عارض بقوة، كعريضة، الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان، ما دفع بالجماهير في دمشق إلى الهتاف "الشيخ التاج عدو الله، والبطريرك حبيب الله".

وفاته

توفي البطريرك بولس بطرس المعوشي في كانون الأول 1975، قبل شهرين فقط من اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، ودفن في مقابر البطريركية المارونية في بكركي، خلفه بعد أربعة أشهر من الشغور البطريرك أنطون بطرس خريش.

https://jezzinetahki.com/upload/je_news/multi_je_news_img/3/je_news_3_1490693456.59cf18b8b98a7558af55d5ba03bd217908.jpg