الرئيسية قرى
الجمعة 22 - آذار - 2019

مرج بسري لا يختلف عن "حرش إهدن" إلا بـ"الرجال"!

مرج بسري لا يختلف عن

كلّما تأمّلت بجمال طبيعة منطقتنا، كلّما مجّدت الخالق على هذا الابداع اللامتناهي الذي منّ به علينا، فهنا النهر وهناك البساتين والأشجار والحمضيات والبرتقال، وتلك الكنيسة "يربّعون" جرسها فيتهافتون الناس هناك إلى كنيسة السيدة العجائبية وهنا إلى كنيسة القديس موسى، وكيف أنسى تلك الأزهار والنباتات النادرة فهي لا تختلف عن "حرش إهدن" إلا بـ"الرجال" في منطقتها...

ولكن فلنتوقف عن هذا الكلام الوجداني، لأن المواجهة في بسري ما عادت تحتمل "التغني"، وقريبا "الترحّم على أمجاد الماضي" إذا ما استمرّ هذا التراخي في أنفس أهالي المنطقة من الجبل إلى الوسط فالساحل "كل واحد همو حالو"، ولكن ما لا يعلمونه أن "الوقعة على الكل والمصيبة على الكل"...

وأكثر ما يفاجئني "رجالاتنا الأبطال" والذين حتى الساعة لم يتحرّك جدّيا أي منهم، حتى أننا لاحظنا وقوف النائب أسامة سعد ابن صيدا ليدافع عن المرج "الجزيني"، فأين رجالات "البيئة" الأوائل، وأين "القوّة" في الحفاظ على تجذّر الأهالي في أراضيهم؟...

هذا عدا عن المشاكل التي تواجهنا، ففي كل مرة يتحرّك أهالي وسكان البلدات المجاورة لمرج بسري رفضا لسد بسري (منذ العام 2012)، نرى مجلس الانماء والاعمار والبنك الدولي يشرئبان للدفاع عن أفكارهما كي "تشرب بيروت"، فإن كان هناك من هو مخطئ إن من هذا الطرف أو ذاك، رجاء خذوا برأي لجنة ثالثة محايدة شرط ألا توقعونا بالمزيد من الاستدانة التي أتعبت كاهلنا عدا الخطر الذي يهدد بقاءنا واستمرارنا...

منذ بضعة أيام كتب "المدن" تفصيليا عن الوضع في بسري ناقلة وجهة نظر الأهالي بلسان رجا نجيم في 5 آذار الجاري، ليأتي الرد من قبل البنك الدولي على "المدن" أيضا بعد أربعة أيام، لكن ما لم يكن مقنعا أن الرد أتى بالكلام الصحافي فقط دون إبراز أدلة وبراهين علمية موثّقة ورأي مهندس مختص في الهيدروجيولوجيا والهيدرولوجيا، وكلّما ذُكر الموضوع قيل أن الطرفين من البنك ومجلس الانماء والاعمار يستندون على دراسات لمهندسين أهم من الذين يحاولون الدفاع "بخبراتهم ودراساتهم" للحفاظ على المرج، حتى ندرك أن المختصين مهتمون بالحفاظ على "السد" حتى ولو حصل الزلزال الذي قد يسببه الفالق الزلزالي في روم فالمهم "أن تشرب بيروت"، في حين خفي عنهم الحفاظ على "الأرواح البشرية" فلربما نحن مخطئون لكن "البشر أهم من الحجر"...

واليوم وردنا رد من لجنة أهالي وسكان البلدات المجاورة لمرج بسري على رد البنك الدولي، لذلك قررنا أن نبدأ بنقل المعلومات تباعا على مراحل في مقالات متتالية لنصل إلى كشف الحقيقة، واليوم الجزء الأول عن التقرير الذي كتبه البنك الدولي في اواخر العام 2018 والذي بات بأيدي الادارات الرسمية والوزارات والمسؤولين:

تقرير العام 2018 (تشاهدونه بالصور)، ولكننا سنفصّله ونوضّحه: فهو يظهر المصادر التي سيعتمدونها لتأمين المياه لبيروت الكبرى من الجبل والجنوب والبقاع (الصفحة 1):
نهر الأولي (بسري: ايّ نهر ومن ثمّ سد بسري) (60 – 100 مليون م3 سنويّاً)
نبع عين الزرقا (14 – 41 مليون م3..)
ينابيع جزين (5 – 17 مليون م3...)
سد القرعون (60 مليون م3 سنويّاً)،
وذلك عن طريق بلدة "جون" عبر نفق داخل باطن الأرض فمحطة تكرير "الوردانية" في ساحل إقليم الخرّوب، لتنقل المياه الى "خلدة"، يتبعه خطيّ جرّ بالقساطر حتى المخازن في مناطق "الحدث" و"الحازمية" في ضاحية بيروت وربما ايضاً الى "تلة الخياط" ضمن بيروت الإدارية.

ولكن ولو بحثنا بتعمق في مياه القرعون ونبع عين الزرقا والتي أعلنت مصلحة مياه الليطاني و"بالفم الملآن" أنها غير صالحة لا للشرب ولا للري بسبب تلوّثها المُسمّ جداً، وإذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء مع تقرير موقع "جزين تحكي" عن بركة أنان https://www.youtube.com/watch?v=m01cz16Rssg والذي أظهر وجود السيانو باكتيريا والتي تسبب الأمراض القاتلة والخطيرة، وبذلك نجد أن "التكرير التقليدي" الذي تعتمده محطة الوردانية (وفق تقرير البنك الدولي المستند الى تحاليل قديمة ومنقوصة من عام 2011 – 2012) غير قابل لحل مشكلة الباكتيريا المسببة للأمراض ومنها السرطانية، ولا حتى تلوث مياه الصرف الصحي او المياه المُبتذلة. لذلك السؤال "هل تريدون أن تشرب بيروت أو أن تُمرضوا بيروت؟"...

من جهة أخرى أعلنت مصلحة الليطاني أنها، حتى لو وجدت حلّاً لمشكلة التلوّث، لا تستطيع تأمين هذا الكم من المياه لبيروت لأن عليها الالتزام بمشاريعها المسبقة من خط 800 وخط 900 وإنتاج الكهرباء...الخ (وكما أصبح معلوم فالكمية الأدنى المخطط لها من سد القرعون لهذه المشاريع هي بحدود 190 مليون م3 سنويّاً، بينما المعدل الوسطي السنوي للسنوات الخمس السابقة 2014 – 2018، وحتى قبل حسم التبخّر والتسرّب لم يتعدى ولو نصف هذه الكمية!)، فلا يمكن الإعتماد دوماً على هذين المصدرين لصالح بيروت الكبرى.

أمّا بالنسبة الى مياه سدّ بسري، إن سعة بحيرة سد بسري التي يجب أن تكون 125 مليون م3 الأصلية استبدلت في مستند البنك الدولي بقسم (نحو 2/3) من كميات ما بين 60 - 100 مليون م3 على ضوء حجم المتساقطات السنوية وبالتالي وفق لجنة الأهالي فإن عدا التبخر الطبيعي والتسرب العادي والكمية المخزنة إلزاميّاً لحماية حوض سد بسري كما الكميات من مياه بسري الواجب المحافظة عليها لصالح مجرى نهر الأولي لتأمين إستمرار جريانه وكميات أخرى لصالح إقليم الخروب... إضافة إلى أسباب أخرى تؤدي إلى خسارة المياه في البحيرة، فإن المتساقطات ولو كانت حتى الآن تدل على وفر لهذه السنة 2019 إلا أنها بين الـ2014 و2018 لم تبلغ كمعدل وسطي كمية 50 مليون م3 في السنة قبل القيام بالحسومات الإلزامية الوارد ذكرها وذلك لعدة أسباب ومنها التغير المناخي والاحتباس الحراري، وبالتالي في هذه الحال إن الكمية المتوقعة ضمن بحيرة سد بسري لن تكفي ولو لتأمين متر مكعب واحد من المياه لبيروت، ما يجعل مشروع سد بسري دون أيّ جدوى وعبارة عن هدر مفضوح للمال العام ومصدر تدمير للبيئة وتجويع وتهجير لأهالي المنطقة، إذ لا فائدة من مشروع تخزين سطحي مع سعة سنوية محددة لا يمكن إحترامها سوى مرة واحدة او إثنين مثلاً كل 10 سنوات.

                                                        يتبع...

https://jezzinetahki.com/upload/je_news/multi_je_news_img/12762/je_news_12762_1553245800.83b90ebc8a219b83efb156da322cf20287.png
https://jezzinetahki.com/upload/je_news/multi_je_news_img/12762/je_news_12762_1553245801.83738e938b37df65674fda1f502628a07c.png
https://jezzinetahki.com/upload/je_news/multi_je_news_img/12762/je_news_12762_1553245802.834fcde6b8f062e781389450f288c6e4b7.png
https://jezzinetahki.com/upload/je_news/multi_je_news_img/12762/je_news_12762_1553245803.83a0002bffaca48309e61c31f5d5c9a6fb.png