الرئيسية مرآة المجتمع
الخميس 21 - آذار - 2019

كل "يوم" وإنتي بخير... (شيرين حنا)

كل

21 آذار، تاريخ يؤرخ الأزمنة فبه بداية فصل جديد في الطبيعة كما في الحياة، فمنه انطلق الربيع بأزهاره وزقزقة عصافيره وعيد الأم بحنانها ورقتها وعطفها و... ومهما قيل لن يوفي جزءا من تعبها...

مهما قيل...
أي أنه في هذا اليوم ستكثر الوجدانيات، ونتحف بالعبارات الرنانة البراقة المزخرفة، وذلك لإظهار مدى حبنا للأم...

ولكن...
ولكن اليوم، سأرفض هذه العبارات، ولو أنها تدمع العين من العاطفة وتفرح القلب من الحب...
ولكن اليوم، سأقول لسان حال الأمهات في العالم أجمع، وسأعبر عن صرختهن...

نخصص يوما واحدا في السنة لنذكر الأم...
نتهافت على شراء الورود في هذا اليوم، في حين أن باقي الأيام نتركها تعيش في "التعصيب وسم البدن"...
تصبح متاجر الأدوات المنزلية المنفذ الأول في هذا اليوم، وكأننا نشتري الآلات لنسهل لها تحضير أكلنا، وتحميص خبزنا، وحفظ قوتنا، وتنشيف ملابسنا...
بعدها تأتي المجوهرات، فنركض إلى الذهب والماس و... ولكننا في كل يوم نهد مضجعها وبنيتها...
عدا عن الملابس، فهي التي "باخ لون تيابها لتلبسنا" في وقت أننا في كل يوم في التسوق...
ثم وما هو بكثرة في هذه الأيام "صبحية عيد الأم"، نرسل الأم للتمويه في هذا الصباح لكننا نتركها في كل صباح...

وماذا نفعل في كل يوم؟
في كل يوم نرفع أصواتنا في وجوههن "فنحن صرنا رجال وصرنا بنات كبار منفهم، منبهدلن ومنعيّط علين"، والعبارات الوجدانية في 21 آذار تكون مهترئة، ذات عفونة كريهة في باقي الأيام...
في كل يوم نتراخى في دروسنا مستهزئين بها وباندفاعها "نحنا منقرر شو بدنا نعمل"،  وهي التي باتت مسبحة الصلاة والشمعة المضاءة بداية وقافلة يومها...
في كل يوم نتركها وحيدة ليصبح عملها المنزلي لهوتها ولعبتها، "نحنا مشغولين بأعمالنا وبيوتنا وولادنا و..."...
في كل يوم نتغاضى عن رسالتها حتى على "الواتساب"، "معلاي إمي بتنطر بعد شوي برد عليها"، ولو أنها في الكثير من الأحيان تحاول لفت انتباهنا أو سماع أصواتنا لأنها اشتاقت لنا...
في كل يوم تعود لتربي أولادنا فهي "الدادا للأولاد"، فهذه واجباتها أن تعاوننا، ولكن هل سألناها؟ فهي ربّت واكتفت وحان الوقت لترتاح...
في كل يوم نروّح عن أنفسنا "بغداء مع الأصحاب اليوم، وسهرة مع الحبيب بكرا، وضهرة مع الولاد البعدو..."، وهي قابعة في منزلها الذي بات كونها وكوكبها، وتنتظر وصولنا للاطمئنان...

وهل تظن أن يوما كافيا لها؟
فالأم ليست بحاجة ليوم لتخرج وتموّه، بل زرها في كل يوم واحتضنها واخرجا سوية للسولفة والحديث والضحك واللهو، فمن قال أن الطفلة في داخلها ماتت؟
فالأم ليست بحاجة ليوم لتشتري لها الثياب، بل هي جاهزة فقط لتكون برفقتك في التسوق لتراك وتختارا معا، فمن قال أن موضتها انتهت صلاحيتها؟
فالأم ليست بحاجة للمكنات لتسهل عليها الحياة، بل بمجرد كونك معها ستكون تعمل بكل فرح واندفاع "المهم تشوفك"، فمن قال أن حديثها بات مملّا؟
فالأم ليست بحاجة للأشعار والأقوال، بل احترمها في كل يوم وخذ بمشورتها واعمل على ارضائها، فمن قال أن التوفيق والحظ سيكونان حليفيك في حال أنها لم تكن راضية؟

بعد كل تضحياتها، لا تحتاج "الأم" ليوم لمعايدتها، بل اجعلوا أيامها كلها أعياد، ولا تنتظروا "21 آذار" بل ازرعوا روحه في كل يوم مع والداتكم قبل فوات الأوان، ولا تنسوا أن تقولوا لها في كل يوم "ماما بحبك"...

                                                شيرين حنا