كتب المرصد السوري لحقوق الإنسان
في سوريا المحررة الجديدة، والتي تتغنى سلطتها السياسية بمساحة الحرية التي عمّت البلاد بعد التحرير… أبناء هذه البلاد يقتلون على يد مرتزقة لا ينتمون للوطن ولا للأرض، ولا يفرقون بين علوي أو مسيحي، درزي أو كردي، شيعي أم سني. إن لم تكن متشدّدًا ومتطرّفًا أو سلفيًّا، فحياتك مهدّدة بالخطر والموت.
أصبح شعارهم “سورية أموية إلى يوم القيامة” كناية عن التشدد الإسلامي المتطرّف الذي ينبذ أي اختلاف مذهبي أو طائفي أو عرقي أو ديني. ولم تكفهم الشعارات التي رددوها طوال السنوات الأربع عشرة الماضية من الحرب في سوريا، والتي مفادها: “مسيحي إلى بيروت، علوي إلى التابوت”. بل تحوّل الشعار إلى تطبيقٍ فعلي على الأرض؛ ففي كل يوم هناك مجزرة ودم يُسال على التراب السوري فرضه السلاح بيد المتطرّفين بحق شعب أعزل لا يملك سوى قبول الأمر بحرقةٍ ولوعة، وبحثٍ عن قانون يحميه. وعندما لم يجد هذا الشعب حماية في حدود الوطن سوريا، أصبح الصراخ أعلى لعلّه يصل مسامع العالم ومنظمات حقوق الإنسان والقانون الدولي فيوقف شلالات الدم والانتهاكات العنصرية.
ربلة، قرية في ريف حمص، هي واحدة من المناطق التي تعاني ويلات التطرف. لقي الشاب فادي إيليا الأترم، ابن الـ35 عامًا، مع رفيقه العلوي حسين اليوسف، ابن الـ50 عامًا، حتفهما على يد شخصين يستقلان دراجة نارية ولاذا بالفرار، دون أن تبحث أي سلطة أو تلاحق أو تسأل. وما بقي للأهل سوى الدموع وآمال في عودة الأمن والأمان.
لم ينته المشهد في ربلة عند هذا الحد؛ فالأهالي يناشدون السلطات الكنسية وأصحاب الضمائر الإنسانية ومنظمات القانون الدولي للتدخل ووقف عمليات الابتزاز المالي والتصفية الجسدية التي تقوم بها عصابات التطرف بحق مدنيين مسالمين عُزّل، كل ما يريدونه هو أن يعيشوا بكرامة في أرضهم.
ربلة اليوم تضيء شمعة على أرواح قتلاها في مسيرة صامتة؛ نور الشموع هو المتكلّم الوحيد فيها، وقد أعلنت شوارع ربلة إضرابًا عامًا استنكارًا للقتل والابتزاز والسرقات.
فهل أصبح حقك في أرضك وبيتك وممتلكاتك محرّمًا عليك، وواجبًا أن تتبرّع به للسارق الذي ينهبك تحت شعار “من يحرّر يقرر”؟