الرئيسية متفرقات
الأحد 17 - آب - 2025

مهربيان يوقع كتابه "ثورة أخرجت عن مسارها" في الزرارية: ندوة وقراءة ومداخلات

مهربيان يوقع كتابه "ثورة أخرجت عن مسارها" في الزرارية: ندوة وقراءة ومداخلات

وقع الكاتب جورج مهربيان كتابه الجديد "ثورة أخرجت عن مسارها" لبنان في ستينيات وسبعينيات القرت العشرين"،خلال ندوة استضافتها مؤسسة سعيد وسعدى فخري الإنمائية في بلدة الزرارية الجنوبية بدعوة من دار المصور العربي.

حضر اللقاء حشد من المهتمين وأبناء البلدة، أعضاء من المجلس البلدي ومخاتير البلدة، تربويون ورؤساء أندية ثقافية.
بداية رحبت غدير الدر بإسم مؤسسة فخري مشيرة الى أهمية الإضاءة على تلك الحقبة بالنسبة للأجيال التي تعيش مرحلة قطع تاريخي، بالإضافة إلى أهمية الكتاب كونه تأريخ من وجهة نظر تعتمد قراءة غير طائفية للأحداث التي رافقت الثورة الديمقراطية والصورة المسلحة المضادة.
شارك في الندوة وأدارها إلى جانب الكاتب، عضو مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية الإعلامي واصف عواضة الذي أجرى قراءة للكتاب، وعبر في مستهلها عن سعادته لوجوده في الزرارية بين نخبة كريمة وفي مؤسسة باتت ملتقى انسانيا اجتماعيا ثقافيا فكريا وأصبحت انشطتها منظورة للعيان،وفي كل المجالات. 
وبعد أن رحب بالكاتب مهربيان قال:صحيح ان اعمالا كثيرة صدرت في هذا المجال وسجلت وقائع واحداثا رسَخت في ذاكرتنا ،لكن لهذا الكتاب نكهة خاصة ،لا سيما وانه يجمع بين الأسلوبين الروائي والتاريخي .
أضاف: انا شخصيا عشت تلك المرحلة بكامل وقائعها ،وكنت شاهدا على هذه الوقائع وانا فتى لم يبلغ الحلم ،ثم شابا مندفعا مثقلا بالحماسة ، منخرطا في العمل الحزبي  ،ثم صحافيا كرّس قلمه في خدمة هذه الثورة بمختلف اشكالها النضالية. وفي الحقيقة وأنا أتصفح عناوين هذا الكتاب أحسست صراحة أن ذاكرتي قد استيقظت من جديد على تلك المراحل، واحدة تلو الأخرى، وقد عشت وعايشت فصولها ،ثم تخطيت تلك المراحل إلى ما بعد السبعينيات وحتى اليوم ،وأرى صراحة وبكل أسف أن ما وصلنا إليه كان نتيجة طبيعية لمقدمات وممارسات تلك المراحل.  
وقال: ولا أخفي ان اسئلة كثيرة راودتني طويلا وما زالت تراودني اليوم، عن تلك المراحل وما تلاها من احداث وتطورات ،وبعضها يحمل الطابع النقدي، وقد حاولت دائما ان اجد لها المبررات والحجج والذرائع ،وها أنا اليوم اطرح على نفسي السؤال :لماذا أخرجت هذه الثورة عن مسارها؟ ولماذا لم تنجح تلك الثورة؟ وهل كانت المشكلة في الثوار ،ام في قيادة الثورة ،أم في الظروف التي رافقت وواكبت هذه الثورة داخليا وخارجيا؟ ولطالما راودني سؤال مشروع: هل يمكن أن تنجح ثورات الطبقة العاملة بقيادة برجوازية،أو شبه برجوازية؟ 
لقد شهدنا في لبنان شيئا من هذا ،وكانت النتيجة ماثلة أمام الأعين. ولا أريد هنا أن أدخل في بعض التفاصيل ،حتى لا أنبش القبور.لكن كتاب الإستاذ مهربيان يجيب على هذا السؤال ،ليس في لبنان فقط ،وإنما خارج لبنان أيضا.
كانت الظروف الموضوعية والذاتية والمقدمات للثورة متوفرة جدا في لبنان ، وكان يفترض أن تكون ثورة عمال وفلاحين وكادحين. وثمة أحداث تسلسلية مهدت لذلك ،وعلى سبيل المثال :انتفاضات عمال غندور ومزارعي التبغ والصيادين في صيدا ،ثم إنضمام الطلبة في المدارس والجامعات لدعم هؤلاء الكادحين، وهم من أبناء هذه الطبقة ،إلى تصدي اليمين اللبناني لهذه الإنتفاضات التي تنبه باكرا لهذه المقدمات، ففجر الساحة بحجة الحضور الفلسطيني الفاعل..وكانت الحرب الأهلية.
في هذا الكتاب الكثير من الاجابات انصحكم جميعا بالوقوف عليها ودراستها بتأن وتقويمها وتحليلها بتمعن. أنصحكم بقراءة الصفحة 153 من الكتاب لكي تفهموا جيدا كيف استخدمت الطائفية لتفريق الطبقة العاملة وتمزيقها وتفكيكها. 
كتاب "ثورة أخرجت عن مسارها" يؤرخ ويوثق بجرأة صريحة لم أعهدها في أي كتاب من قبل ،لمقدمات ومراحل وأسرار الحرب الأهلية في لبنان،بما يشكل خزينة تاريخية يجب أن تُحفظ في كل بيت ،علنا نستفيد وتستفيد أجيالنا القادمة من دروسها وعبرها. قد لا يتفق البعض مع مضمونها وبعض تفاصيلها ورؤيتها ،خاصة بعض التيارات الحزبية، لكنها بالتأكيد تلامس الحقائق الجارحة.
شخصيا اعادني الكتاب الى البدايات من خلال التمهيد الذي قدمه الكاتب، ومن خلال قصة العاملة المنزلية "وحيدة"، وردّني ذلك الى ذكريات عبرت افق خيالي. 
كان العام 1967 حافلا بالتطورات ،شهدنا فيه نكسة حزيران التي هزت ثقتنا بالثورة الناصرية ،ثم كان رحيل القائد جمال عبد الناصر صادما بعد احداث الاردن واتفاق القاهرة وبدء العمل الفدائي من جنوب لبنان ضد الكيان الصهيوني. 
في بلدتي الحدودية الناقورة سمعنا صوت اول قذيفة في أواخر الستينات، ادت الى سقوط شهيد ،وكان علينا ان نهشل من بيوتنا وننام في المغاور اتقاء للقصف الذي توالى مع كل عملية فدائية على الحدود. 
أسس هذا الواقع ،وغياب الدولة الحامية والضامنة لحياة الناس أمنيا واجتماعيا للحرب الاهلية في العام 1975 ،وعاش جيلنا فصولها على مدى خمسة عشر عاما .انخرطنا في لجتها سياسيا وعسكريا ،حملنا السلاح وقاتلنا على المحاور.. وكانت الإجتياحات والإحتلالات الإسرائيلية. وكانت المقاومة بجميع صنوفها وأشكالها وأيديولوجياتها
لكن الفصل الاسوأ في الحرب الأهلية كان في خطوط التماس والمعابر وانقطاع الناس عن بعضها البعض،وتطييف الحرب التي اردناها طبقية ، فتحولت الى عصبيات طائفية بغيضة. 
تحضرني هنا واقعة بليغة المعنى .عام 1990 انتهت الحرب،او هكذا تخيلنا،وكنا في تلفزيون لبنان قبل ذلك محطتين تتقاذفان الاتهامات. تقرر توحيد التلفزيون في تلة الخياط في بيروت.صدمتني احدى الزميلات من الطائفة المسيحية الكريمة والآتية من الحازمية عندما قالت لي : هل تصدق ان عمري اليوم 24 سنة ،وهذه اول مرة ارى فيها مسلما بالعين المجردة ..حقيقة لا اعرف اذا ما كانت هذه الواقعة تجيب على عنوان الكتاب ثورة اخرجت عن مسارها.  
في جانب آخر عشت شخصيا فصوله في هذا الكتاب. الكاتب تناول في مقدمات الثورة المجتمع الزراعي ،وقد كان والدي مزارعا لدى ملاكي الاراضي ،وكانت عائلتي تعمل بكد وجهد لانتاج الموسم الزراعي ،لكن نصف الانتاج كان يذهب الى مالك الارض. وفي بعض السنوات لم تكن المواسم منتجة ،فيخسر المزارع تعبه بدراهم قليلة بينما يحظى المالك بنصف الإنتاج من دون أي جهد .هذا الواقع كان محفزا للتوتر الذي انتج الثورة التي يقول الكاتب انها خرجت عن مسارها . 
في الخلاصة،
لقد اتيح لي بسبب ضيق الوقت ان اجري قراءة اولى للكتاب ،الا ان هذا العمل في الحقيقة يحتاج الى قراءة ثانية وربما ثالثة ومتأنية للوقوف على كامل فصوله ومندرجاته وتحليل مضمونه .لكن استطيع القول اننا امام عمل غني جدا اعتقد ان الساحة اللبنانية والشعب اللبناني بحاجة ماسة للوقوف على وقائعه ،خاصة الجيل الذي لم يشهد شخصيا فترة الستينات والسبعينات .وأعتقد أن مضمون الكتاب يحتاج إلى ساعات وساعات من القراءة المتأنية والنقاش الهادئ ،ولا أعتقد أن هذه الندوة مهيأة لذلك.
 
وفي كل الاحوال اهنئ الاستاذ جورج مهربيان على هذا العمل الهام جدا ،وعلى الجهد الواضح الذي بذله في سبيل انتاجه .كما اهنئ دار المصور العربي على اصدار النسخة العربية من الكتاب . 
 
 مهربيان
بعد ذلك تحدث مهربيان فعرض للكتاب وشرح بعض فصوله فقال "إن الحرب اللبنانية بدأت في صيدا من خلال استخدام الجيش ومقتل معروف سعد ،وأشار إلى أن ثمانين بالمائة كان تحت سيطرة الحركة الوطنية ،وانهارت سلطة الدولة في المناطق التي سيطر عليها اليمين اللبناني ،بينماترددت الحركة الوطنية ورفضت أن تقوم بمشروع القيادة وإجراء التغييرات ،ما أوصل الجماهير إلى الإحباط".
أضاف: كان موقف الحركة الوطنية التحالف مع البرجوازية للقيام بحركة إصلاح، وذهبت الى البرلمان لحل الأزمة ،كمن يسال المسؤول عن الأزمة لحلها.وهكذا استطاعت البرجوازية اللبنانية أن تجدد نفسها وتستدعي الخارج ،وجاء الجيش السوري الذي اصطدم بالحركة الوطنية في صيدا .
وتناول الكاتب الحديث عن مضمون كتاب "البيان الشيوعي" لماركس وأنجلز ،القيادة التي أسست الحركة الشيوعية،وقد أكد أنه بدون طبقة عاملة لا يمكن أن يكون هناك رأس مال.فالصراع من الأساس قائم بين الطرفين.ويؤكد الكتاب ان الطبقة العاملة يجب أن تنظم نفسها بشكل سياسي بمعزل عن البرجوازية وتياراته. 
كما تناول كتاب "إعلان هافانا" لفيديل كاسترو الذي رأى أن النضال للتطور الوطني والعدالة الاجتماعية لا يمكن أن تشارك فيه البرجوازية الوطنية ،ويقول أن الطبقة العاملة فقط لديها القدرة على قيادة النضال للتحرر الوطني .
وخلص الكاتب متسائلا عن البرنامج الذي يمكن أن يوحد الكادحين ،مستشهدا بالثورة الكوبية التي أصدرت قانونا ضد العنصرية لتوحيد الرؤى والموازين بين الناس،ثم كان الإصلاح الزراعي بتوزيع الأراضي على المواطنين ومنع بيعها،وكذلك الضمان الصحي والتقاعد للعمال.
وبعد ذلك جرت مداخلات من الحضور ثم وقع مهربيان كتابه للراغبين.

https://www.jezzinetahki.com/upload/je_news/multi_je_news_img/67278/je_news_67278_1755419815.5958ad44dc14acfffd6615d3041dd691749b.jpg
https://www.jezzinetahki.com/upload/je_news/multi_je_news_img/67278/je_news_67278_1755419816.5958e36cd7abcb0a7dce3a799840eabb412b.jpg
https://www.jezzinetahki.com/upload/je_news/multi_je_news_img/67278/je_news_67278_1755419817.5958e12fd1024c6968b13fbcfae8f21d503b.jpg