أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أن حل الصراع في أوكرانيا يمثل أولوية قصوى في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية تتصدر قائمة القضايا الدولية التي يجب التعامل معها.
جاء ذلك في مقابلة له مع مجلة باري ماتش عقب زيارته لفرنسا، حيث قال ترامب: "هناك العديد من الأزمات في العالم، لكن القضية الأوكرانية هي الأهم الآن ويجب التركيز عليها".
وأشار ترامب إلى أنه رغم أهمية الوضع في الشرق الأوسط، إلا أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا يعد أكثر تعقيداً وأصعب حلاً مقارنة مع الصراعات الإقليمية الأخرى.
وأضاف أن "الوضع في الشرق الأوسط مهم بالطبع، ولكن حل الأزمة الأوكرانية يعد أكثر تحدياً."
وفيما يخص الأزمة السورية، أبدى ترامب رأيه بأن السوريين أنفسهم يجب أن يتحملوا مسؤولية التعامل مع الوضع في بلادهم دون تدخل خارجي من الولايات المتحدة أو فرنسا. وقال في المقابلة: "قبل بضعة أيام، بدأنا نشهد أزمة جديدة في سوريا، ولكن يجب على السوريين أن يتعاملوا معها بأنفسهم. نحن، الولايات المتحدة وفرنسا، غير مشاركين في ذلك، لذا عليهم حل المشكلة بأنفسهم."
ترامب كان قد صرح في وقت سابق على منصته "تروث سوشيال" للتواصل الاجتماعي أن "سوريا في حالة من الفوضى، لكنها ليست صديقتنا، ويجب ألا يكون للولايات المتحدة أي علاقة بها". وأضاف "هذه ليست معركتنا، فلندع الوضع يأخذ مجراه. دعونا لا نتدخل."
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين أن استمرار الوجود العسكري الأميركي في سوريا سيشكل تحدياً كبيراً بالنسبة لإدارة ترامب القادمة. وتشير التقارير إلى أن الرئيس المنتخب سيكون أمام خيار صعب بشأن قواته المنتشرة في شرق سوريا، حيث يقدر عدد الجنود الأميركيين هناك بنحو 900 جندي.
ورغم أن ترامب أكد مراراً أن الولايات المتحدة يجب أن تتجنب التدخل في النزاعات الإقليمية غير المباشرة، إلا أن المستقبل السياسي لسوريا بعد انتهاء عهد الرئيس بشار الأسد سيجبره على اتخاذ قرارات صعبة بشأن سياسة واشنطن في المنطقة. وتعتقد مصادر أميركية أن الرئيس المنتخب سيكون مضطراً لإعادة النظر في هذا الوجود العسكري، خاصة مع تصاعد التوترات في المنطقة.
ترامب، الذي كان يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه بباريس، ناقش مع ماكرون مجموعة من القضايا الدولية الملحة، وفي مقدمتها الحرب في أوكرانيا والوضع في الشرق الأوسط.
وبرز الحديث عن ضرورة التعاون بين الدول الكبرى لحل الأزمات المتفاقمة، لكن ترامب شدد على أن "الولايات المتحدة يجب أن تركز على مصلحتها أولاً وأن لا تُستدرج إلى معارك بعيدة عن مصالحها الاستراتيجية".
وكان ترامب قد أثار موجة من الجدل في وقت سابق حول سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، لا سيما في ما يتعلق بتقليص الدور الأميركي في النزاعات الإقليمية. كما أن تصريحاته المتناقضة حول سوريا تثير الكثير من الأسئلة حول التوجهات المستقبلية للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
منذ بداية الحرب في سوريا عام 2011، اتخذت الولايات المتحدة مواقف متباينة حيال الوضع هناك، حيث دعمت المعارضة السورية في مراحل متعددة، فيما كان الوجود العسكري الأميركي في شرق سوريا جزءاً من الحرب ضد تنظيم "داعش". ومع تغير موازين القوى على الأرض، ومع الانتصارات التي حققها النظام السوري بدعم من روسيا وإيران، تزايدت الضغوط على واشنطن لمراجعة سياستها في المنطقة.
وفي السنوات الأخيرة، استمرت الولايات المتحدة في الوجود العسكري في بعض المناطق السورية، خاصة في المناطق التي تسيطر عليها قوات "قسد" (قوات سوريا الديمقراطية)، في إطار محاربة فلول داعش، مما يثير تساؤلات بشأن السياسة الأميركية في مرحلة ما بعد الأسد. من جهة أخرى، كانت تصريحات ترامب مؤخراً تشير إلى رغبته في تقليص الدور الأميركي في المنطقة، وهو ما قد يغير التوازنات السياسية في سوريا في حال تم تنفيذ هذه السياسة.