كتبت “الجمهورية”:
على وقع التوصية الصادرة عن مجلس النواب في شأن ملف النازحين، و»التأنيب» الذي وجّهه وزير الخارجية إلى ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يستعد لبنان لرفع صوته في مؤتمر بروكسل حول النزوح والمقرّر انعقاده في 27 أيار الجاري.
لا يخفي بعض الوزراء في مجالسه الخاصة عتبه على تغييبه عن الوفد الرسمي الذاهب الى المؤتمر برئاسة وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، لكن من دون أن يؤثر ذلك على التضامن مع الموقف الذي اتخذه بوحبيب للجم تجاوزات مفوضية اللاجئين.
وهناك بين الوزراء أيضاً من يلفت إلى انّ دمشق أقرب إلى بيروت من بروكسل، وانّ الأوان قد حان لتطوير التواصل مع القيادة السورية، بعدما أصبح هناك توافق داخلي على منح السلطة السياسية الدعم الضروري لسلوك هذا المسار، إذا كان يصبّ في خانة تسهيل عودة النازحين.
وعُلم انّ وزير المهجرين عصام شرف الدين سيلحّ على مجلس الوزراء في أقرب فرصة ضرورة ان يتمّ تكليف وفد رسمي موسّع بزيارة سوريا، وسيبدي كذلك استعداده الشخصي لزيارتها، من أجل تفعيل التعاون الرسمي بين البلدين في شأن إعادة النازحين، على أن يبحث كل وزير ضمن الوفد المفترض مع نظيره السوري في القضايا العالقة التي من شأن معالجتها تسهيل تلك العودة، ومنها ما يتصل بترحيل المساجين في
لبنان ومعالجة مسألة المتخلّفين عن خدمة العلم وحل مشكلة مكتومي القيد وضبط الحدود البرية.
ويبدو انّ ما يعزز الطرح الداعي إلى تفعيل التواصل مع دمشق على مستوى حكومي في هذه المرحلة، هو الغطاء الذي منحته التوصية النيابية، وبالتالي القوى السياسية لهذا الأمر، بمن فيها الجهات المعروفة بخصومتها مع سوريا، وبالتالي لم يعد هناك من مبرّر للتأخير في تزخيم التواصل السوري – اللبناني للتنسيق في معالجة قضية النازحين.
وتعليقاً على التنبيه الذي وجّهه وزير الخارجية الى ممثل مفوضية اللاجئين، يقول شرف الدين لـ«الجمهورية»: نحن نشدّ على يده، ولكن ما فعله غير كافٍ، والمطلوب ان نفرض على المفوضية الأمور الآتية:
إعطاء الحوافز للسوري في بلاده وليس في لبنان بغية تشجيعه على العودة.
تشكيل لجنة ثلاثية بين لبنان وسوريا والمفوضية، لأنّها ضرورية جداً من أجل دحض الإدّعاءات بأنّ بعض العائدين يتعرّضون إلى مضايقات أو ملاحقات، على أن تنبثق منها لجان فرعية في المناطق السورية تتولّى متابعة شؤون النازحين الذين يرجعون إلى بلادهم والتأكّد من حسن سير أحوالهم.
طلب فتح المنافذ البحرية أمام النازحين الراغبين في التوجّه إلى دولة ثالثة، بعد تنظيم رحلات آمنة لهم بواسطة السفن، علماً انّ غالبية النازحين المتواجدين في لبنان يفضّلون هذا الخيار، وليس هناك من داعٍ لكي تقلق قبرص أو غيرها من الدول الأوروبية إذا جرى إطلاق مثل هذه الرحلات، لأنّ النازحين يمكن أن يتوزعوا على 194 دولة منضوية تحت لواء معاهدة حقوق الإنسان، ما يعني أنّ حصة كل دولة لن تتعدّى بضعة عشرات الآلاف».
ويلفت شرف الدين الى انّ «عدم السماح لنا بفتح البحر ولو حتى بشكل منظّم، يعود إلى قرار سياسي جائر باستمرار الحصار على سوريا ولبنان».
ويشير إلى انّ «الاوروبيين فضّلوا رشوتنا على أن يتحمّلوا مسؤولياتهم، وفي ظنهم انّ الرشوة هي أسهل الحلول في ظل الوضع الاقتصادي – المالي الصعب الذي تعاني منه الدولة اللبنانية».
ورداً على الأصوات الداخلية التي اعترضت على اعتماد «الخيار البحري»، يعتبر شرف الدين «أنّ ما يرفضه المعترضون الآن سيعودون للقبول به لاحقاً تحت وطأة تفاقم أعباء النزوح، فلماذا لا نختصر الوقت والكلفة؟».
أما وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار المعني أيضاً بملف النازحين، فيقول لـ«الجمهورية» في معرض تعليقه على الرسالة الحازمة التي تلقّتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: «أن تصل متأخّراً أفضل من أن لا تصل أبداً».
ويكشف عن اشتباك كلامي وقع بينه وبين ممثل المفوضية، موضحاً انّه «ومنذ اليوم الأول لتسلّمي مهامي وانا أصارع المفوضية التي سعت مراراً وتكراراً إلى فرض إملاءاتها عليّ، وقبل فترة وجيزة زارني ممثلها الحالي في لبنان إيفو فرايسن، وكان اللقاء معه متوتراً، حيث أبلغ إليّ بأنّه ليس من حقي تصنيف النازحين، فأجبته بحدّة: نحن لسنا موضوعين تحت الفصل السابع وهذا آخر اجتماع بيني وبينك».
ويلفت حجار إلى انّ «المبادرة لا تزال في يدنا على مستوى ملف النازحين، واذا تضامنا كلبنانيين نستطيع ان نكون أسياد قرارنا. أما اذا اخترنا ان نكون «شحادين» وان نتسول المال والداتا، فلن نتمكن من مواجهة محاولات بعض الجهات الخارجية خدمة مصالحها على حسابنا».
ويؤكّد حجار أنّه يمدّ يده إلى الرئيس نجيب ميقاتي والوزراء المختصين، «على الرغم من كل الجروح والإساءات التي تعرّضت لها وصولاً الى استبعادي عن مؤتمر بروكسل حول قضية النزوح».
ويضيف: «انا اطبّق كلام مار بولس «انس ما ورائي واذهب إلى الامام»، واقول لميقاتي ووزراء الداخلية والخارجية والمهجرين بأننا واحد في مواجهة تحدّيات ملف النازحين».