جاء في الأنباء الكويتية: يبدو أن المبادرة الفرنسية ـ التي تحدث عنها الرئيس ايمانويل ماكرون مع كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون في غداء العمل الذي أقيم في قصر الاليزيه في باريس ـ تلاقي ترحيبا من الأطراف المعنية في لبنان وفي إسرائيل، والجيش اللبناني جاهز للإشراف على تنفيذها عندما يحصل توافق عليها، وفقا لما أبلغه عون لرئيس أركان الجيوش الفرنسية تيري بوركارد ولقائد أركان الدفاع الإيطالي كافو دراغون الذين حضرا اجتماع باريس في 19 الجاري.
والخطة الفرنسية تضمنت ثلاثة بنود: وقف العمليات العسكرية، وسحب أسلحة حزب الله شمال نهر الليطاني، يليهما مفاوضات لحل الخلافات حول الخط الأزرق. دون أي ذكر لموضوع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، كونهما يتعلقان بترسيم الحدود مع سورية وتصحيح الخرائط الموجودة في أرشيف الأمم المتحدة، وقبل ذلك لا يمكن التفاوض بشأنهما.
الاتصالات التي جرت بعد عودة ميقاتي وعون من باريس أفرزت تفاهمات لا يستهان بها، ومنها موافقة حزب الله على سحب سلاحه خارج حدود نهر الليطاني، وقبوله الشروع في التفاوض على النقاط الخلافية على الخط الأزرق، ويبدو أنه مرتاح لتأجيل البت في موضوع الأراضي المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا إلى مرحلة لاحقة، لأن ذلك يبقى المشروعية الدولية لعمل المقاومة في الجنوب، ولا يطوقها سياسيا. وشروط توفير الأمن للمستوطنين في شمال إسرائيل وللمواطنين اللبنانيين في الجنوب، كانت محل إجماع، لأنه ملف يهم الفريقين، وأصبحت أعباء النزوح والأضرار البشرية والمادية ثقيلة على الجانبين.
العقبة الأساسية الوحيدة التي بقيت دون قبول من حزب الله، هي اشتراطه تلازم المسارين بين غزة وجنوب لبنان، وهو لن يوافق على توقيف إطلاق النار في جنوب لبنان دون أن يشمل ذلك وقف شامل لإطلاق النار في قطاع غزة. وقد أبلغ الرئيس نبيه بري كل من التقاهم في المدة الأخيرة، بمن فيهم ميقاتي وعون، وباسم حزب الله، أنه لا مجال للبحث في هذه المسألة، ولن يصغي الحزب لأي مبادرة لا تلحظ هذه الواقعة، أي وقف النار على كل الجبهات مرة واحدة.
حزب الله يتصرف بثقة كبيرة في النفس، ويقول مسؤولون فيه أمام حلفاء وأصدقاء التقوا بهم مؤخرا، أن الحزب جاهز لكل السيناريوهات المطروحة، بما في ذلك احتمال شن إسرائيل لعدوان شامل على الأراضي اللبنانية كافة، وهو يملك قدرة على الرد، بما يتلاءم مع منسوب التصعيد الذي يصل اليه العدو.
ويقول مقربون من حزب الله أنه يتعامل بإيجابية مع الأفرقاء المحليين ومع اللجنة الخماسية في ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكن يتمنى أن تبدأ مساعي الحل بحوار بين الكتل النيابية يديره الرئيس نبيه بري، لكن المعارضة تعتبر هذا الطلب، تشدد وليس مرونة، ولدى بعض قادة المعارضة معلومات تفيد بأن «الثنائي الشيعي» ما زالوا على موقفهم بدعم النائب السابق سليمان فرنجية للرئاسة، وهم يحاولون إغراء رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بوعده بالحصول على دعمهم بعد 6 سنوات للرئاسة، إذا وقف مع فرنجية هذه المرة.
ويقول مقربون من قوى الممانعة أن الحزب يتفهم المخاوف من تنامي أعداد النازحين السوريين، وهو متضايق من هذه المسألة، خصوصا أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ابلغ المعنيين ـ ومنهم الرئيس بري ـ أن أعداد السوريين تحت سن 5 سنوات يوازي أعداد اللبنانيين في هذا العمر، مما يعني أن التوازن في عدد السكان بين اللبنانيين والنازحين السوريين سيتساوى في السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يشكل تحديا أمام الدولة، وخطرا أمنيا داهما، لاسيما لأن بعض عصابات السرقة التي ضبطت مؤخرا مؤلفة من شبان قصر أو أنهم ما دون العشرين من العمر.