كتبت نداء الوطن: تبلّغ موظفو هيئة الأسواق المالية، وعددهم 46، التوقف الإداري الموقت للهيئة عن العمل بذريعة رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي النظر في كيفية تمويل هذه الجهة الرقابية.
ووفقاً لتعميم وقّعه رئيس الهيئة وسيم منصوري، يسري التوقف اعتباراً من نهاية شهر كانون الثاني المقبل، على أن تفسخ عقود المستقيلين وتجمّد مفاعيل عقود عمل المستخدمين الموضوعين في الاستيداع طوعاً أو عفواً. وإذا لم يتقدم المستخدم بطلب الاستيداع قبل 10 كانون الثاني يعتبر مستقيلاً حكماً. علماً أنّ مدى الاستيداع 6 أشهر يعتبر بعده الجميع مستقيلين إذا لم تعاود الهيئة العمل بتأمين التمويل اللازم لها.
وبذلك ستصبح عشرات الشركات المرخّصة للتعامل بالأوراق والمنتجات المالية عالية المخاطر بلا أي جهة تراقبها، ما قد يعرّض أموال المستثمرين والمتعاملين للضياع أو يوقعها فريسة احتيال. وكشفت مصادر متابعة شبهة لها علاقة بالتحقيقات المفترضة في مخالفات شركة «أوبتيموم» التي أتى على ذكرها تقرير التدقيق الجنائي (ألفاريز أند مارسال)، وفيها عمليات مشبوهة تربط مصرف لبنان بالمصارف، كان الحاكم السابق رياض سلامة أراد للهيئة عدم التدخل فيها.
على صعيد التمويل، أوضحت المصادر أنّ هناك أكثر من 72 مليار ليرة موارد متاحة وكافية للهيئة في 2024: 50 ملياراً ايرادات متوقعة في الأشهر القليلة المقبلة من الرسوم والبدلات والاشتراكات، 7 مليارات رسوم طلبات تراخيص جديدة مقدمة من شركات مالية، و15 ملياراً من فوائد سندات خزينة هي من نتاج القرض الذي حصلت عليه هيئة الأسواق المالية من شركة لبنان المالية (خلال ولاية رياض سلامة) ووظّفته هيئة الأسواق في سندات خزينة لبنانية. ويعتبر وسيم منصوري أنّ المبلغ الأخير يكفي لدفع تعويضات نهاية الخدمة. لذلك، حدّد تاريخ 10 كانون الثاني 2024، وهو مستعجل لإتمام هذا الأمر.
وتستغرب المصادر لماذا تقدم منصوري من مجلس الوزراء بطلب الحصول على تمويل؟ فالحكومة غير معنية بذلك، وفقاً لقانون الهيئة التي يمكن أن تعمل طيلة 2024 بمواردها الخاصة المتوقعة، ما يطرح علامات استفهام كثيرة حول استعجال الايقاف الاداري. مع الاشارة الى أن «سيرفيرات» الهيئة نقلت قبل أيام الى مصرف لبنان الذي طلب الدخول اليها فحصل على كلمات السر، علماً أنّ الهيئة مستقلة ولا علاقة للبنك المركزي بعملها الخاص.
وحذّرت المصادر من مخاطر ايقاف عمل الهيئة، فهناك 70 شركة ومصرفاً تحت رقابتها الخاصة بطرح وتداول ووساطة الأوراق المالية. وفي الهيئة لجنة عقوبات كان يجب تفعيلها لمتابعة ومعاقبة مخالفات ارتكبتها مصارف... وما أكثرها. لذا فإنّ «دفن» الهيئة يثير الكثير من الشبهات، فالمسألة ليست نقصاً في التمويل فقط كما يزعم مصرف لبنان. وختمت المصادر بالقول: «غاب رياض سلامة، لكن ملائكته حاضرة»!